وهذا الضعف الخلقي في النقد إليه وحده يرجع - فيما نعتقد - سبب هذا الركود وهذا الجمود في أدبنا المقعد
وبعد فيا سيدي الأستاذ هل النقد بالمعنى الذي نراد عليه نحن معشر القراء - والقراء من فئة خاصة طبعاً - هو هذا اللون من تناول الكتاب أو البحث تناولاً صورياً والكتابة فيه مثل هذه الكلمات الضافية، فيها قدرة الكاتب وبراعته، وليس فيها علمه وعقله،؟؟ وهل النقد الأدبي هو هذا الذي نسيغه في صحافتنا كل يوم أو كل أسبوع من عجالات الكتاب وبحوثهم العابرة؟؟
وهل النقد هو هذا التقريظ الذي يتولاه كتابنا حين يدفع المؤلف أو الباحث إلى المطبعة كتابه أو مؤلفه فيخرجه بعد الجهد الجاهد في أيامه وأعوامه ليتولى الحكم فيه كاتب يقلب صفحاته بعض الساعة وقد لا يزيد؟.؟.
الحق يا سيدي الأستاذ أن ضعف النقد يرجع إذا أجملنا القول إلى:
١ - احتفال الناقد بشأن المنقود
٢ - النقد العابر الصوري
وإن النقد في مصر - وهي سوق عكاظ العرب اليوم - لا يتجاوز هذين اللونين. والكتاب بين فريقين: فريق يتحامى المنقود، وفريق يجهل فضله فيقول ما لا وزن له ولا قيمة، فلا يعبأ بما يقوله القراء
ثم إن الطائل الذي يقع على كتاب مصر الفحول ومشيخة الأدب فيها عظيم جداً، فهم قادة مسئولون ورعاة مطالبون بتأدية رسالتهم الأدبية؛ والنقد بمقاييسه العلمية الصادقة يكشف المخبوء المتواضع من العبقريات المغمورة. وربَّ بحثٍ في صحيفةٍ وجّه الأدب وجهة قوية ودفعه إلى الغاية التي ينشدها هؤلاء العامة عليه دفعاً لا ازورار بين يديه ولا نكوص
ومتى كان لهذا النقد هذا الوزن فقال الناقد قوله لم يخطب به ودّ المنقود، ولم يتملق به عاطفة الجمهور، ولم يستلّ به سخيمة في نفسه، اختفت هذه العيوب التي نشكوها، وقويت الصراحة على هذا الضعف، وأحجم غير الأكفاء أن يلجوا بابه ويقتحموه ولوجهم له اليوم، وكان ما يدور بين الكتاب والأدباء والعلماء درساً من دروس عامة يفيد منها الجمهور وتفيد منها البيئة الأدبية، ثم كان هذا النقد أساساً صخرياً في بناء نهضتنا الأدبية في عصرنا