للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

واستطاع أن يتم كتابه عن ابن الخطيب بصورته الأولى في بضعة اشهر فقط لعودته من دمشق، وذلك في أواخر شهر رمضان سنة ١٠٣٨هـ (١٦٢٨م)؛ وفيه يتناول حياة ابن الخطيب، ويستعرض صفاته وخلاله ومآثره، وكثيراً من نثره ونظمه؛ ويقول لنا أنه سمى مؤلفه لأول مرة (عرف الطيب في التعريف بالوزير ابن الخطيب)

غير أن ذلك المؤلف الأول لم يكن هو (نفح الطيب) كما انتهى إلينا. ذلك أن المقري خطرت له بعد الفراغ من التعريف بابن الخطيب فكرة أخرى هي أن يمهد لكتابه بذكر الأندلس وتاريخها ومحاسنها وذكرياتها، وتطورت هذه الفكرة حتى غدت هيكل الكتاب الأصلي؛ فاستمر في الكتابة عاماً وبضعة اشهر أخرى، وأتم مؤلفه حسب وضعه الجديد، كما يحدثنا في خاتمة مؤلفه، في آخر ذي الحجة سنة ١٠٣٩هـ (١٦٢٩ - ١٦٣٠م) واختار عندئذ لكتابه اسما جديدا، هو الذي انتهى به إلينا، وهو:

(نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب

وذكر وزيرها لسان الدين بن الخطيب)

والواقع أنه من التواضع أن يسمى (نفح الطيب) كتاباً، فهو كما سنرى موسوعة ضخمة عن الأندلس، تاريخها، وجغرافيتها وآدابها؛ ومن المدهش حقاً أن يستطيع المقري أن يضع مثل هذا الأثر الضخم في مثل هذه المدة القصيرة؛ ولكن سنرى أن فضل المقري في وضعه يرجع إلى الاقتباس أكثر مما يرجع إلى التأليف؛ وسنرى مع ذلك أن للمقري في هذا الاقتباس فضلاً لا يقدر وأن نفح الطيب هو أقيم مصادرنا العربية عن تاريخ الأندلس وآدابها

وكان المقري منذ عوده من دمشق قد طلق زوجته الوفائية، ووضع بذلك حدا ًلتلك الحياة الزوجية الكدرة؛ وما كاد يتم مؤلفه حتى أزمع العودة إلى دمشق ليتصل فيها بأصدقائه وليطلعهم على مؤلفه الذي وضعه نزولاً على إشارتهم؛ ولكن الموت عاجله، فتوفى في جمادى الآخرة سنة ١٠٤١هـ (يناير سنة ١٦٣٢م)، ودفن في بقرافة المجاورين بالقاهرة

(للبحث بقية - النقل ممنوع)

محمد عبد الله عنان

<<  <  ج:
ص:  >  >>