للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

العطري الأبيض، ينحل دهنها فوق الشعر شيئا فشيئاً كي يحفظ له طراوته ولمعانه، وفي وصف المرأة في نصوص المصريين كثير يدل على طيب أريج ثيابها وجسمها.

الأصباغ

لم يكن بياض البشرة في مصر القديمة يعتبر جمالا، ذلك أن شمس مصر اللافحة تخرج ذلك اللون الخمري البديع، الذي يجعل من بشرة المصريات خلابة وظرفا لاتصل إليه البشرات الأوروبية البيضاء الناصعة، إذن فقد كانت النسوة المبيضات اللون تسعى إلى الوصول للمثل الأعلى في جمال البشرة، فيعمدن إلى الحناء وهي من النبات المصري الأصيل فيصبغن بها أجسامهن ووجوههن لتصبح لهن تلك البشرة النحاسية الخمرية الظريفة. وهذا ما يطابق تمام المطابقة الغرض الذي استعملت فيه (البودرة) الأوربية. أليس منشأ البودرة هو الحصول على بياض يقترب من بياض المثل الأعلى للجمال الأوربي؟

والأحمر؟ فيم تحتاجه المرأة الخمرية اللون؟ المحمرة البشرة بطبيعتها؟ ثم أي جمال تشاهده الآن في تلك الشفاه الحمراء في لون (الطماطم) بين خدود خمرية وشعر أسود في لون الفحم؟ أنها تبعث في العين تنافراً قل أن يرضي أحدا. لهذا لم يعرفه المصريون في زينتهم مع معرفتهم للونه ومسحوقه في تلوين الجدران البيضاء، وفي التصوير على الفخار، وفي الكتابة على البردي. لكنهم عرفوا (الكحل) ووضعوه في عيونهم، وجعلوا منه ألوانا متباينة بين الأسود الفحمي والأخضر القاتم، والأزرق الداكن، والعسلي الغميق، وكلها لتطابق ألوان الشعر والعيون والأهداب، وتتمشى مع تناسق ألوان هذه الأجزاء من الجسم. وإليك صورة جميلة للمرأة المصرية القديمة:

امرأة رشيقة في ثوب رقيق ناعم من الكتان ذي ثنيات طويلة يستر كل جسمها ويدل على مواضع الجمال الطبيعي فيه، ذات وجه خمري يبدو فوق هذا الثوب الأنيق بجماله الطبيعي، خفيفة حمرة الشفاه، بيضاء الأسنان، سوداء العينين مكحولتهما بكحل يطابق لونه لون حبة عينها، ومرسلة الشعر الأسود في ضفائر على كتفيها، ينتشر أريجه وطيبه وعطوره، وتضع في قدميها صندلا رقيقا يزيدها رشاقة وأناقة. .

هذه هي مثل الأناقة المصرية، والتواليت المصري منذ خمسة آلاف عام!. . . .

<<  <  ج:
ص:  >  >>