ويصغر في مرآك عيش ابن يومه ... ويكْبُرُ رأيٌ ذاهب فيك سائر
خواطر مثل الفلك فيك شوارد ... يضل عليها عازب اللب حائر
تنائت بك الأمواج وهي نوافر ... وجاءت بك الأمواج وهي ثوائر
كأن بها عجز المشيب إذا انثنت ... وعزم الشباب الغر وهي بوادر
فنم نومة الظل البطيء مسيره ... وثِبْ وثبة الغضبان حين يُساور
فيا رُبَّ حلم خامل البطش هادئ ... ضمنت وجهلِ شره متطاير
كأن لنا من لج مائك واعظاً ... بليغاً له مما أثرت زواجر
رأيتك والأمواج في وثباتها ... عساكر حرب قد تلتها عساكر
فبينا يريق الضوء فوقك ماءه ... وتجري عليك الريح وهي خواطر
ويتلو عليك الصائدون غناءهم ... يرجِّعه لحن من الماء مائر
ويُسمِعك الملاح من شجو قلبه ... أحاديث قد تاقت لهن الحرائر
إذ الجو جهم والرياح كتائب ... وإذ أنت مقبوح السريرة غادر
ورب سفين يقرع النجمَ مجدُه ... تقاذفها مستوفز اللج هامر
يُرَوِّعها في كل هوجاء مُوعِدٌ ... ويسعى لها قبر من الماء سائر
وما ذلك اللج الذي في سمائها ... بأهدأ من لج نمته الزواخر
إذا ذكر المَلاّح زوجاَ وصبية ... طغى شجن في مِرْجَلِ الصدر فائر
وتذهل عن مهد الوليد رءومه ... إذا ما رَمتْها بالوعيد الزماجر
وما هي إلا صولة ثُمَّتَ انجلت ... وأكبر غرقاها المساعي البوائر
كما غرقت في لجة الدهر دول ... زهت ما زهت والدهر للناس غامر
عبد الرحمن شكري