للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

التياترو، ولو كانت لي رغبة لألححت على أمي، ولأعطتني ما أريد. ثم يجب أن تقسمي ألا تعودي إلى مثل هذا العمل فإنه إثم كبير، وإلا أخبرت ستك، وأنت أدرى بما يكون إذا علمت).

وصعدت قبلي، وعدت أنا والريال معي إلى كرسيّ على الباب أمام البيت، فمر أحد أخواني فناديته وقلت له: إني آسف، وإني لن أكون معهم الليلة، وليس هذا لقلة المال (وأخرجت الريال من جيبي وبسطت به كفي له ليراه، ولكن سبباً آخر يحول دون الذهاب.

ولما تركني صعدت إلى غرفة والدتي، وكانت مشغولة بإعداد الطعام في المطبخ ففتحت خزانة الثياب وهممت بأن أدس الريال حيث كان وإذا بوالدتي إلى جانبي تسألني:

(ما هذا الذي بيدك؟).

فمددت يدي إليها بالريال وقلت وأنا مضطرب والعرق يتصبب: (ريال، كما ترين).

قالت: (ريال؟ أخذته؟).

فلم أدر ماذا أقول؟! أأقول الحق فيحل غضبها بالفتاة المسكينة التي دفعها العطف إلى السرقة؟؟ أم أتهم نفسي وأنا بريء؟! ولم يكن أحد الأمرين أخف على نفسي من الآخر، ففكرت بسرعة، فلم أجد أن في مقدوري أن أشي بالفتاة وأعرضها لنقمة أمي، وأجعل جزاءها هذا السوء على ما أرادت من الإحسان إلي وإن كانت قد أخطأت السبيل.

فقلت: (نعم. . . أخذته من هنا. . . ثم راجعت نفسي، فندمت وقد كنت أريد أن أعيده إلى مكانه. . . فهل تصدقينني).

قالت: (نعم: ضعه حيث كان).

وتركتني.

وفي تلك الليلة، قبل أن أنام، خلت بي أمي وقالت:

(أصدقني. . . أنت لم تأخذ الريال. . . هه؟).

قلت: (عديني أن تصفحي وتغفري وتطوي الأمر فلا تذكريه).

قالت: (لك ذلك).

فقصصت عليها الحكاية، فقالت: (الحمد لله! حسبي أن يقيني فيك قد صدق. . .).

قلت: (والفتاة؟).

<<  <  ج:
ص:  >  >>