للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وتيسيوس، وبرسُيْس. ولا يبعد أن يكون (فِنّ) هذا إلهاً محلياً، قدسه قومه، وجعلوا منه بطلاً قومياً. حتى (أوشان) الشاعر الذي ينسب إليه مكفرسن نظم كثير من القصائد التي تدور حوادثها على شخصية (فِنّ)! أقول، حتى هذا الشاعر، في رأي مكبيان، وليد الخيال! لم يعش قط في عصر ما. أما تفسير كونه ابن فنغال فليس بالأمر العسير، فهو لا يختلف بذلك عن غيره من الآلهة القديمة التي عرفت بالاختلاط مع البشر، والمساهمة معهم في الحروب، ومختلف الأحداث؛ وفي كثير من الأحيان التزاوج مع فئةٍ مختارة منهم.

أما جواب مكبيان الأخير على القول السائد، (أن فنغال عاش وأوشان أنشد)

فهو إنهما عاشا وأنشدا في نفوس الشعب الغاليقي، وأخيلتهم الخصبة. لأن الشعب وجد في هاتين الشخصيتين الخياليتين، مثلهم القومية والأدبية العليا مجسمة.

أما أنصار مكفرسن فيكتفون بالتشجيع لصاحبهم، دون الإتيان ببراهين وحجج دامغة، تدحض آراء خصومهم دحضاً، وتدفع بتهجماتهم العنيفة دفعاً؛ وخلاصة ما يرونه أن هذه الأشعار تاريخية، وأنها من نظم شاعر عاش في القرن الثالث ق. م. وشهد جميع الحوادث الحربية، التي ورد وصفها في تلك المنظومات الرائعة.

والحقيقة الراهنة لا تنشد في قول جونسن الخصم اللدود، ولا في أقوال أنصار مكفرسن المتحزبين، إنما تطلب في قول فئة تقف موقف العدل والحق من هذه المسألة.

والمقام يقصر عن التعرض لآراء جميع الذين يقفون هذا الموقف لكنا نكتفي بذكر أعظمهم شأناً وأبعدهم أثراً، وأقربهم من الحقيقة، أعني به الكاتب الكبير، والنقادة الاسكتلندي الشهير كامبل أوف إسْلويْ فقد وضع مؤلفاً في هذا الموضوع اسمه: (قصص شعبية في الجبال الغربية) فنّد فيه زعم جونسن أم مكفرسن نظم آثاره الأدبية نظماً، دون أن يتأثر بأشعار عامية قديمة، أو يقتبس منها أو ينقل عنها، وإن هذه الحوادث والأسماء الواردة في منظومات مكفرسن إنما هي موضوعة مختلقة، وردت ليست مترجمة. فهو يقول أن الأبطال الأوشانين، الذين وردت أسماؤهم في قصائد مكفرسن، عاشوا بحق، وعُرفوا قبل أن يدوّن مكفرسن هذه الأشعار بأعوام.

(البقية في العدد القادم)

جرجيس القسوس

<<  <  ج:
ص:  >  >>