للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

جهنم - وقد وقفت ربة الانتقام المخيفة في عليائها تحرس طبقات من المعذبين الذين راحوا يملئون الرحب بصراخهم وأنينهم. أولئك قد حسبوا ألا يقدر عليهم أحد فاجترحوا من السيئات ما شوهوا به وجه الحياة. . وهاهم، قد وقفت على نواصيهم تيزيفون تحاسبهم وتظهر لهم ما أضمروا من الخبائث، وكلما خلصت من حساب أحدهم قذفته لأخواتها ربات الذعر فتدق عنقه بمقامع من حديد وتشويه بشواظ من نار ونحاس!! وانفتحت بوابة المدينة فجأة، فلمح إينياس هيدرا هائلة ذات خمسين رأساً تحرس الطريق عندها؛ وهنا تخبره سيبيل أن هذه الطريق تؤدي إلى جحيم طرطاروس وهي في آخر السفل تبعد عنهما بعد السماء من فوقهما، وفي قرارها يرسف التيتان الذين شقوا عصا الطاعة على جوبيتر كبير آلهة الأولمب. ورأى إينياس جماعات جلوساً حول موائد كثيرة وأمامهم آكال وأشربات كلما وضعوا منها شيئاً في أفواههم نزعته منها ربة من ربات العذاب مكفلة بهم. ورأى قوماً آخرين يحملون فوق هاماتهم حجارة ثقيلة تكاد تقصمهم. وعلم من سيبيل أن هؤلاء هم الذين كانوا يشاقون آباءهم ويضارون إخوتهم ويخادعون أصدقاءهم الذين وضعوا ثقتهم فيهم ويكنزون الذهب والفضة ولا يجعلون للفقراء نصيباً منهما. ورأى كذلك الذين فسخوا خطبة زواجهم بغير حق والذين حاربوا وطنهم وخانوا أماناتهم وخرقوا الشرائع. ورأى أكسيون وسسفيوس يعذبان عذاباً أليما. ورأى تنتالوس واقفاً في بركة من الماء العذب ومع ذاك يوشك الظمأ أن يرديه كلما انحنى ليشرب هرب الماء وغاض في الأرض، ومن فوقه أشجار يانعة ذوات أثمار كلما مد يده ليقطف ثمرة ذهبت فروعها في السماء فهو أبداً ظامئ جائع.

وهنا، ينتهيان من الجوس خلال الجحيم، وتذكر له سيبيل أنهما سيبدآن رحلتهما إلى الفردوس (إلزيوم)، فتخب به في طريق دامس شديد الظلمة حتى تصل إلى أحراج نورانية فتكون هي الجنة التي وعد المتقون. وينشقان ثمة نسيماً عليلاً ويريان الصالحين مسربلين بسرابيل من أنوار أرجوانية، وينظران إلى علٍ فيريان للجنة سماء لها نجومها وشمسها وأقمارها غير ما ترى في سماء هذه الدنيا. وهناك، أخذ الفائزون يمرحون ويلعبون، فبعضهم يضطجع على العشب الأخضر يسامر أصدقاءه، والبعض يلعب ألعاب الحياة الدنيا من مصارعة وجري ورماية، وآخرون يرقصون ويتغنون الأغاني. وفي هؤلاء أقام

<<  <  ج:
ص:  >  >>