يُنشد الشعر بينهم فتراهم ... كالرحى إذ تدور حول القطب
كسُكارى وما همُ بسكارى ... بل نشاوَى خمر الهوى والعجْب
سمعوا لحنه فهاموا جميعاً ... لا ترى غيرَ هائم أو صب
برخيمٍ يُنسيك مزمار داو ... دَ وألحانَ معبدٍ في الحب
فهو فينا ذاك الطبيبُ المُرجَّى ... من مريضٍ لروحه مستطبِّ
حفظ الناسُ شعره فهو درس الْ ... دّهرِ فيهم والدهرُ خير مربي
كم وردنا ماءً فلم يروِ منا ... ظمأً غيرُ مستقاه العذب
وتلونا من آيه سور المج ... د وشِمْنا برق المنى ليس يُخبي
حكمةٌ يبهر المعري سناها ... فهي صوب النهى وذوب اللبِّ
حالفته منذ الشبيبة حتى ... أن توارى فؤاده في الترب
لم يذرها يوم الصريخ ولا يو ... م نشيدِ الألحان بين الصحب
ينظم البيت غادياً وهو في الشر ... ق فيمسي لسحره في الغرب
حلبٌ قد غدت بأحمد شهبَا ... َء لشعب له خلود الشهب
مادح (السيف) كان يدعى فأمسى الس ... (م) يفُ يدعى أمدوحة المتنبي
إن مجداً أُوتيه أخلدهُ الدهْ ... رُ خلود الآداب مجدُ الشعب
ضامهُ أن يرى بني العرب في ضيْ ... م علوج بغير عهد ولب
وبنو العرب ليس تفلح إلا ... بملوك منهم أُباةٍ عرب
لا يبالي الشرقُ المضيمُ إذا ما ... اتحد العرب ساعة بالغرب
يثب الليثُ إِن أُثيرَ وليث ال ... عُرب في الناس رابضٌ للوثب
أيَّ يوم أرى الطلائع منا ... غائراتٍ على الجياد القُب
يهجر الطِّرسَ واليراعَ فتاناً ... ليراع من القنا والقُضب
لا يرى المجد غيرَ فتكته البكْ ... ر ونَيل استقلاله بالغصب
ذاك يوم محجَّلٌ فيه تحطي ... مُ قيود وفيه تَهتيك حُجب
ذاك يومٌ يقرُّ عينَ أبي الطي (م) ... ب بالعُرب وهو تحت الترب
إنما شعرُه الشعور المروَّي ... بسلافٍ من البلاغة عذب