للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

* (لأن قبلنا كانت حلوة جداً قبل زواجنا!).

* (والآن؟ هل هي مرة؟ أم ماذا؟).

* (. . .؟. . .).

* (قم بنا).

* (إلى أين؟).

* (إلى السطح!).

* (لماذا يا امرأة؟).

* (لأريك ماذا تصنع ليلى مع هذا الموظف (سامي أفندي).!

وهرولا فوق الدرج ووقفا خلف (المنور) الزجاجي المطل على غرفة سامي، يريانه ولا يراهما. . .

فتي في الرابعة والعشرين ترف على جبينه سحابة من الحزن، يلونها الحب بأمواه باكية من الحنان والرحمة والهدوء. . له عينان عميقتان كأنما تخرقان حجب الزمان أو تناجيان سكان السماء؛ ينظم الشعر ويهيم بالغناء ويشغف بالموسيقى، ويجمع في مسكنه بالطابق العلوي من هذا المنزل المتوسط طائفة مختارة من التماثيل أهداها إليه أصدقاؤه المولعون به لنفر من فنانين مصريين وعرب. وهو موظف في مصرف أجنبي يتقاضى مرتباً لا بأس به، يستطيع أن يضمن به صفاءه الذي لابد منه للشعر والغناء والموسيقى. . . والحب الذي يسقي هؤلاء.

كان إذا هدأ الليل، هدأ هو إلى عوده، وطفق يمر أنامله على أوتاره في لين ورفق، كما ترى النسمات النحيلة العليلة على صفحة الغدير الصغير؛ فإذا غنى، أرسل من قلبه ألحاناً هي لا شك روحه ممتزجة بموسيقاه؛ ولم يكن يغني إلا ما ينظم هو، لا ما ينظم الشعراء؛ وكان، إذا سئل في ذلك، يتعلل بأنه يأبى أن يكون كنادبات الجنائز، يرجعن كلاماً محفوظاً ليبكين به النساء. . . فالشعر شعره، والغناء غناؤه، والموسيقى موسيقاه، وجملة أولئك صورة روحه التي تشعر وتغني، وترن وتئن على أوتار العود.

وكانت ليلى ابنة صاحب المنزل الذي يقيم فيه سامي، فتاة في الثامنة عشرة، لها لفتة وفي عينيها سحر، وملء قلبها أماني. . . ما كاد الساكن الجديد يملأ منزلها بصباه العطر،

<<  <  ج:
ص:  >  >>