وشوكت التوني قصصي موهوب، وكاتب قادر، غير أنه كاد يسيء إلى فنه إساءة بالغة، حين صمت عن الكتابة صمتاً غير محمود، متفرغاً لدراساته القانونية وقضاياه. . ولو لم يغمره - منذ قريب - نشاط أدبي نعرفه، لفقده عالم القصة آسفاً أسفاً شديداً، لأنه يعرف فيه ما يدفعه إلى التشبث به. . وقد يمحو آثار صمته الطويل أنه أقبل اليوم قوياً بدراساته وميله بعد انقطاع عن الفن الذي يحبه ويقدسه. . وسوف لا نغفر له - بعد ذلك - صمتاً أو تحولاً. لأن الفن الذي فقد رجاله أو كاد، في حاجة شديدة إلى الشباب يشد أزره.
وطاهر لاشين قصصي مصري بديع التكوين، قد بلغ بفنه وأدبه منزلة جليلة، ومجهوده في سبيل القصة المصرية كبير، وأسلوبه العربي سليم أنيق، نقي البيان لا يحب الإسفاف، ونأمل فيه خيرً كثيراً. . ونشكر له ما أسدى. . وما سوف يسدي إن شاء الله.
أولئك وهؤلاء هم المحسنون إلى القصة المصرية إحساناً محموداً الجديرون بالذكر والشكر والاعتراف بالجميل. . . ولكن طائفة كبيرة، غير محدودة ولا محصورة، قد أقبلت منذ سنوات ترمي القصة المصرية العربية بالإساءة المرذولة، وتفتح فيها فتحاً قديراً على أن يهلكها ويحطمها تحطيماً. .
وهؤلاء الذين يتخذون من كتابة القصة تجارة ورزقاً، ويسوقون إلى الميدان كل يوم عملاً جديداً، قد فقد نتاجهم كل فن أو طرافة أو توفيق، ولكنه لم يفقد القراء أو الضالين من المتأدبين، وهذه هي الإساءة التي تؤلمنا ألماً مراً وتحز في صدورنا حزاً موجعاً. .
نعم. . فقد استطاع بعض هذا النفر، أن يجعل من نتاجه المشوش مدرسة يسير تلاميذها على طريقته الملتوية التي لا تؤدي إلى فلاح، فأفسد بذلك الذوق الأدبي ونال منه، وألحق بالفن خسراناً مبينا.
والذي يقرأ اليوم هذه القصص التجارية التي تحفل بها المجلات والكتب، ناشداً منها تسلية أو إتلافاً للوقت، لا شك يخرج من قراءته وقد خسر وقتاً حقيقياً بألا يبعثر ويعبث به، ويتأثر - بعد ذلك - بما قرأ تأثراً قد ينال من تفكيره، وقلمه، وذوقه جميعاً.
ولسنا نقصد بالقصة التجارية القصة المترجمة وحسب، بل إننا نقصد المترجمة والموضوعة على السواء، لا بل ونعني الموضوعة باهتمام خاص. . فلقد سار كتابها اليوم على طريق لا ندري إلى أية هاوية تصل بهم وبقرائهم، حين أدخلوا في قصصهم نوعاً من