للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن مثل هذه الخطوة إذا اتخذت يكون لها أثرها.

مدام جوليت آدم

توفيت مدام جوليت آدم الكاتبة الفرنسية الشهيرة وعميدة كتّاب فرنسا من حيث السن. وكانت وفاتها في قصرها في كانيول من أعمال مقاطعة الفار حيث اعتكفت منذ أعوام طويلة تعيش في عزلة مطلقة. وقد بلغت مدام آدم المائة عام تقريباً، وكان مولدها في فريري من أعمال (الواز) في أكتوبر سنة ١٨٣٦؛ وكان زوجها أدمون آدم مديراً لشرطة باريس، ثم استقال من منصبه على أثر حادثة فرار هنري روشفور من سجنه في كاليدونيا الجديدة؛ ثم انتخب عضواً في مجلس الشيوخ في سنة ١٨٧٥ وتوفي بعد ذلك بعامين، وكان من رجالات الإمبراطور ومن شخصيات القرن الماضي.

وتبوأت مدام آدم منصة التحرير والكتابة منذ أكثر من ستين عاماً، وتولت تحرير (المجلة الجديدة) في أواخر القرن الماضي، وبرزت بين كتّاب هذا العصر بذلاقتها وروعة أسلوبها، وكتبت عدة كتب وروايات قيمة منها كتاب (حصار باريس) وهو من أشهر الكتب في هذا الموضوع، وفيه تصف مدام آدم ذلك الحصار الشهير الذي شهدته بعينيها؛ ومنها (مذكرات باريزية) وهي مذكرات طريفة تقدم إلينا صوراً شائقة من الحياة الفرنسية في القرن الماضي. ولمدام آدم عشرات أخرى من الروايات والكتب. وكانت مدام آدم تستقبل في بهوها الأدبي أشهر كتاب العصر ورجالاته، وكان من أشهر الأبهاء الأدبية في أواخر القرن الماضي.

ومن مآثر مدام آدم التي يذكرها المصريون بنوع خاص صلتها الروحية بمصطفى كامل زعيم الوطنية المصرية ومراسلتها معه. وكانت مدام آدم من أشد أنصار القضية لمصرية، وكانت تشجع مصطفى كامل بمراسلاته ونصائحها، وتنشر عن القضية المصرية مقالات كثيرة تدعو فيها إلى تأييد مصر في جهادها وإلى إنصافها وتحقيق أمانيها.

وكان ذلك منذ أكثر من ثلاثين عاماً. وهاهو ذا الزمن يحقق بعد ثلث قرن من صيحة الكاتبة الشهيرة لمصر بعض أمانيها، وتجني مصر بعض ثمار جهاد زعمائها وأبنائها البررة. فليذكر المصريون مدام آدم وأمثالها ممن نادوا بحق مصر في الحياة والحرية، وليقرءوا كتبها ورسائلها القيمة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>