للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وذيلاهما مرفوعان وكل منهما يتحين الفرصة للوقوع في خصمه، وكانت أصواتهما المنكرة كأنها المسامير في آذاننا ولكنها كانت لهما كموسيقى الحرب على ما يظهر، ثم اشتبكا بعد أو وزن كل منهما صاحبه وأخذت المخالب تطول وتنغرز في أجسامهما والأسنان تساعدها، وكانا يتقلبان على الأرض - أعني على البساط - وهما يتصايحان بصيحات الحرب وأنا واقف من فرط السرور أشجعهما وأستحثهما وأقول للذي أراه يفتر منهما: (عليك به! اغرز مخلبك في عينه. . افقأها له ليعمى ولا يعود يرى النافذة. . برافو. . برافو. . أحسنت! هكذا تكون البطولة وإلا فلا. . أيوه. . أعد. . أعد. . بارك الله فيك. . مزق جلده. . أسلخه. . تمام. . مضبوط. . عضه. . عضه يا أبله. . لا لا لا. . لا تبعد. . عد إليه. . تذكر الدجاجة التي خطفها وحرمني وحرمك لذتها. . . تذكر - إذا كنت لا تعبأ بالدجاج - الفئران الطرية السمينة التي يصيدها كل ليلة ويأكل لحمها الغريض ويشرب دمها القاني. . . أقدم يا شيخ. . . أقدم. . . أو لم تسمع بقول الشاعر الحكيم: (وفاز بالطيبات الفاتك اللهج). . .) وهكذا صرت أهيجهما حتى أوسع كل منهما صاحبه عضاً ونهشاً ولاذ أحدهما بالفرار. . . ووقف الآخر برهة يلحس جراحه، ولكن الغريب أني لم أر دماً يسيل أو يقطر، ولم تأخذ عيني تمزيقاً في جلد أحد القطين على الرغم من عنف القتال. . . فهل كان مزاحاً. . . أو ريقه ترياق كما يدعى؟ ومهما يكن من ذلك فقد استرحت من القطط المتلصصة بعد هذه المعركة ولله الحمد. . . وبقيت الفئران قوانا الله عليها إنه سميع مجيب.

إبراهيم عبد القادر المازني

<<  <  ج:
ص:  >  >>