ومع انه وصف كثيراً من حيوانات الأعماق الضحلة حول الجزر البريطانية فقد كان خاطئا في زعمه أن لا حياة بعد عمق ٦٠٠متر. وحصل سيرات على مخلوقات تعيش في البحر الأبيض على عمق ٣٠٠٠متر. وجاء عهد وصل البلاد بالأسلاك التلغرافية عبر قاع البحر فكانت سبباً في سبر أعماق بعيدة. وكان أبعد غور وصل إليه ثقل مقياس العمق في سنة ١٨٤٠أثناء بعثة سير كلارك روس إلى القطب الجنوبي وهو ٦٠٠٠متر. وحدث في سنة ١٨٦٠ أن قطعسلك من أسلاك التلغراف البحري على عمق ٢٥٠٠متر فوجدت عالقة به مخلوقات حية. كان طبيعيا أن تثير أمثال هذه الاكتشافات في جميع الشعوب الحية الرغبة في الاستزادة من تعرف أعماق البحار. وإذ علم ويفيل تمسون الاسكتلندي بأن سارس النرويجي عثر على عمق ٦٠٠متر في فيورد لوفوتن على حيوان حي من فصيلة كانت تعد من الفصائل المنقرضة، توجه إليه لمشاهدة ذلك الحيوان. وكان ويفيل تمسون من أولئك العلماء الذين بنوا كبار الآمال على اكتشاف مثل حية من الفصائل المنقرضة في الأعماق البعيدة. فارتاد الاطلانطيق على ظهر السفينة (لايتننج) مرة والسفينة (بوركوبين) مرة أخرى. وسبر حتى عمق ٤٥٠٠مترا فوجد فيه مخلوقات حية منها ما يتصل بفصائل انقرضت منذ العهد الثلاثي والطباشيري. طارت شهرت ويفين تمسون في آفاق أوربا وأمريكا نتيجة اكتشافاته ولكنه بلغ قمة مجده حين ألقيت إليه مقاليد أكبر بعثة في تاريخ الاقيانوغرافيا. وهي بعثة (تشالنجر)
تشالنجر:(أعظم البعثات الاقيانوغرافية)
قامت تلك البعثة على ظهر (تشالنجر) وهي سفينة شراعية حمولتها ٢٣٠٦ طن. ذات محركات بخارية مساعدة. خرجت من الجزر البريطانية في سنة ١٨٧٢ وعادت في سنة ١٨٧٦ بعد أن قطعت ٦٩٠٠٠ ميل في الأطلنطيق والباسفيك، وصلت فيهما حتى الحاجز الثلجي للقطب الجنوبي. أسند قيادها إلى ويفيل تمسون وكان من أهم أعضائها جون موري وبكنان، وقيدت مشاهدتها في ٣٦٢محطة حصلت منها على مجموعة ضخمة من الأحياء البحرية ونماذج المياه ونماذج القاع وسبرت حتى نيف و ٨٠٠٠ متر. ومهما أشيد بأبحاث من تقدموا (تشالنجر) فقد كانت هذه البعثة فتحا مبينا في دراسة المحيطات. ولا غرور أن تؤرخ الاقيانوغرافيا تبعا لها فيقال عهد تشالنجر وما قبله وما بعده.