إنسان قلبا وحده، ينبض بنوع من حب وكره، وقسوة وحنان، وإعظام واحتقار، ورفعة وانحطاط، لا يشركه فيه قلب آخر وبهذا، وبهذا وحده. اختلفت قيم الناس وتعددت مراتبهم.
يموت القلب ثم يحيا، ويحيا ثم يموت، ويرتفع إلى الأوج، ويهبط إلى الحضيض، وبينما هو يسامي النجوم رفعة، إذا به قد لامس القاع ضعة، وهكذا يتذبذب في لحظة بين السماء والأرض، والطول والعرض، وخير الناس من احتفظ برفعة قلبه، وسمو نفسه.
هو إن شئت فردوس، وإن شئت جحيم، هو إن شئت ملك، وإن شئت شيطان، هو إن شئت نار تتقد بالحب
هل الوجد الا ان قلبي لودنا ... من الجمر قيد الرمح لاحتقر الجمر
هل الحب الا زفرة بعد زفرة ... وحر على الأحشاء ليس له بَرْد
وفيض دموع العين يا مي كلما ... بدا عَلَم من أرضكم لم يكن يبدو
وإن شئت سلا فكان برداً وسلاما
وقلت لقلبي حين لج به الهوى ... وكلفني مالا أطيق من الحب
الا أيها القلب الذي قاده الهوى ... أفق لا أقر الله عينك من قلب
القلب مركز العاطفة، والرأس مركز العقل، وما العقل لولا العاطفة؟ إن العقل أكثر ما ينفع للهدم، والقلب أكثر ما ينفع للبناء، إن القلب يؤمن، والعقل يلحد، والقلب يحب والعقل يحذر
نصحتك علما بالهوى والذي أرى ... مخالفتي فاختر لنفسك ما يحلو
القلب يؤسس العالم، والعقل يسكنه، والقلب يخلق الشيء والعقل يغصبه، سلي التاريخ أليس أعظم بناة العالم قد امتازوا بكبر القلب، وصدق الشعور، وقوة الإرادة، أكثر مما امتازوا بسعة العقل وقوة الإدراك؟
القلب بنى البناء والعقل نقده، والقلب أحيا الشعور والعقل حدَّة، هل تعلمين يا آنسة أن من وجد كل شيء وفقد قلبه لم يجد شيئا، وان من جرد من قلبه لا يعرف صداقة ولا يدين بوطنية ولا يشعر بحنان، ولا ينطوي على إيمان؟
أو تعلمين أن من سُلِب القلب فقد سُلِب الفن والأدب، لأن الفن مناطه القلب، والعلم مناطه العقل؟ وقد سئل مصور ماهر كيف تمزج ألوانك؟ فقال: أمزجها بدم قلبي. وكذلك الأدب الحق، هو ما كان ذوب القلب.