للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(الأستاذية) التي كانت تتكلفها معي كانت تثقل على نفسي. وكانت تخرج معي أحياناً ولكن كما يخرج المعلم مع تلاميذه الصغار إلى حدائق الحيوانات أو مرصد حلوان، فلا أشعر أني مع الفتاة التي أحبها، ولا أجد متعة أستفيدها من هذه الرحلات التي يطيب فيها الغزل عادة والتي كنت أمني بها نفسي وأحلم. وقد قلت لها مرة ونحن في (حديقة الأورمان):

(يا ستي ما هذا الحال المقلوب؟).

قالت: (أي حال؟. مالك؟.).

قلت: (لكأني أسير مع شرطي!).

فلم تضحك - وكنت أظنها ستفعل - فغاظني ذلك فقلت: (أليس حالاً مقلوباً أن نضحك في المطبخ ونعبس في الحديقة الحالية؟؟).

فسألتني مستغربة: (المطبخ؟؟ متى ضحكنا في المطبخ؟).

فقلت لها بضجر: (لا تكوني حرفية!! إنما أعني البيت وأنت تعرفين ما أعني فلا تغالطي).

قالت: (إن البيت ليس من مرادفاته المطبخ).

فسكت ولم أقل شيئاً - وماذا عسى أن أقول؟ -).

وحدث مرة أخرى وكنا معاً - على ما يبدو للناس، أما في الحقيقة فقد كان كل منا وحده - فضاق صدري، فقلت أرفّه عن نفسي بالغناء، فرفعت صوتي وانطلقت أغني:

(يا بت أنا بدّي أبوسك ... بس أبوسك!

وأطرب وأحظى بكؤوسك ... رقي شوية!)

فلم يرعني إلا قولها: (ليس أضر من الخمر ولا أقتل).

فقلت: (يا ستي إن المراد بالكؤوس هنا الشفاه الرقيقة، وبالخمر الريق العذب).

فقالت: (إخص!. . .).

فقلت مندهشاً: (إخص؟؟).

قالت: (إخص!. . .).

قلت: (طيب!. . .).

وهذا يريك من أي معدن صيغت سميحة، ولكني على هذا كنت أحبها حباً عظيماً لأني كنت واثقاً أن هذه قشرة نشرتها كلية الطب على صفحة معدنها الصافي، وستزول ولا شك مع

<<  <  ج:
ص:  >  >>