هذا الهمس الوضيع أخذ بمخنقي وحبس أنفاسي، فألصقت قدمي بالأحجار وصحت بأعلى صوتي:
(لم تعد هناك أكاذيب. . . بعد. . . لقد قتلت الأكاذيب).
وتحولت عامداً بوجهي لأني كنت أعرف أن الجواب سيجيء من أعماق الهاوية السحيقة. وكان الجواب:
(أكاذيب. . .).
أنت ترى أن الأمر هكذا. . . لقد ارتكبت خطأ جسيماً.
قتلت المرأة. . . ولكني خلدت الكذب. لا تقتل المرأة إلا بعد أن تنتزع - بكل وسائل التعذيب والنار والوعيد - الصدق من أعماق نفسها. فكرت في هذا وأنا أسير في محبسي من ركن إلى ركن.
لقد حملت معها الصدق والكذب إلى مكان مظلم مرعب. . . وهل أذهب إليه. . .؟ هل أذهب إلى هناك. . . وعند عرش إبليس سأقبض عليها وأجثو على ركبتي وأبكي وأقول:
(أريني الصدق).
رباه. . . رباه. . . هذا أيضاً كذب. . . الظلام هناك. . . وفراغ القرون. . . والخلود أيضاً. . . ولكنها ليست هناك. . . ليست في كل مكان. . . بقي الكذب. . . إنه خالد أزلي سرمدي. . . أحسست به في كل ذرة في الهواء. . . وعندما أنشقه أنشق معه في صدري الضعيف فحيح الثعابين فيمزقه. . . فيمزقه. . .
أواه. . . أي جنون عندما يطلب الرجل الصدق. . . وأي عذاب وألم؟