علينا؛ إذ لم يتردد أي شعب في نقله إلى لغته. وفوق ذلك فإن ما يتجلى في فلسفة نيتشه من جحود لا نراه يتجه إلى الله الواحد الأحد الذي نعبده وبوحيه ندين، بل هو يتجه إلى الألوهية المزيفة التي ارتسمت في ذهنه من إدراكه الناقص لحقيقة الوحي كما يفهمه المؤمنون
فلنمر، إذن، بجحود نيتشه باسمين، ولنقف عند نظراته في الحياة مفكرين
إن في كتاب زرادشت من المبادئ الاجتماعية ما يجدر بنا الوقوف عنده، لأنه يتفق والقاعدة التي وضعها الإسلام للحياة بحديث للنبي (صلعم) على قول، أو بكلمة لأمير المؤمنين عمر على قول آخر وهي:
(اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً.)
لقد أدرك نيتشه الشق الأول من هذه الحكمة، وفاته الشق الأخير فلم يأمن الضلال والعثار؛ أما نحن أبناء هذا الشرق العربي فآخر هذه الحكمة راسخ في أعماق نفوسنا مما يجعل الشق الأول منها هداية لا ضلالاً
هذا وإننا سنورد في آخر الترجمة بعد بسط فلسفة نيتشه التحليل الذي تقتضيه لإظهار فاسدها وصحيحها، فنقف في وجه المادية التي تطغى موجتها على المدنية، ونثبت أن لا خير في حضارة يعمل الإنسان فيها لدنياه كأنه يعيش أبداً دون أن يعمل لآخرته كأنه يموت غداً.