وخبت روحهم المعنوية، وربما اضطروا إلى الانسحاب عن جزء كبير من الأقاليم التي يحتلونها؛ وعندئذ تتطور مصا ير الحرب في صالح الجمهورية.
ولقد عالجنا موضوع الحرب الأهلية الإسبانية منذ نشوبها في أواخر يوليه الماضي، وقلنا يومئذ والحوادث في بدايتها إن هذه الحرب الأهلية الداخلية ليست إلا طوراً من أطوار الصراع الأوربي العام بين الديمقراطية والفاشستية، أو بعبارة أخرى بين النظم الحرة والطغيان العسكري؛ وقد أيدت الحوادث رأينا وما زال كل يوم تكشف لنا عن هذه الحقيقة بأدلة مادية لا شك فيها؛ وإذا كان مما يدعو إلى الأسف أن حكومة مدريد الشعبية قد اضطرت إزاء الظروف القاهرة أن تعتمد في نضالها على بعض العناصر غير المرغوب فيها من شيوعية وفوضوية؛ فليس معنى ذلك أنها حكومة شيوعية كما تصورها لنا الدعاية الفاشستية، بل هي في الواقع حكومة جمهورية شعبية من ورائها العمال والفلاحون والطبقات الوسطى أو بعبارة أخرى من ورائها الشعب الإسباني. أما الثورة التي يرفع لواءها الجنرال فرانكو وزملاؤه من القواد والضباط الخوارج فهي ثورة النظم الطاغية التي حطمتها الجمهورية في سنة ١٩٣١، ومن ورائها الملوكية الذاهبة والكنيسة وأحبارها وكبار الملاك وأصحاب الأموال، والقواد والضباط الخوارج، وهي العناصر التي كانت تتمتع بالنفوذ والسلطان في ظل الملكية الذاهبة، وترهق الشعب الإسباني بطغيانها وامتيازاتها وجشعها؛ فلما ظفر الشعب الإسباني بالقضاء على الملوكية في سنة ١٩٣١ لبث أنصارها من الأحبار والملاك يترقبون الفرص للانتقاض على النظام الذي قضى على نفوذهم؛ وقامت الوزارة الجمهورية الأولى التي يرأسها السنيور أزانا ببعض الإصلاحات السياسية والاجتماعية كنزع ملكية بعض الضياع الكبيرة وتوزيعها على الفلاحين، وفصل جماعة من الضباط الذين يشك في ولائهم، والحد من سلطات الكنيسة وأحبارها، فزادت هذه الإجراءات في غضب العناصر الرجعية؛ وفرت رؤوس الأموال الكبيرة إلى الخارج، وزادت العطلة والبأساء وأخذت الجمهورية الجديدة تتخبط في غمار من الصعاب السياسية والاقتصادية؛ وجاءت بعد وزارة أزانا في أواخر سنة ١٩٣٣ وزارة محافظة فألغت هذه الإصلاحات، ولكنها فشلت في معالجة الأزمة الاقتصادية؛ وأسفرت هذه الأزمة غير بعيد عن قيام بعض الحركات الثورية الخطرية، ولا سيما في منطقة الاستورياس وفي قطلونية