هذا في ذَمَرْ عَلِى ذِرِّيحْ (الفخم) ويَثَعَمَرْ بَيِّن (السامي) وكَرِيَبِعيلْ وَتَاريُهَنْعِمْ (أي العظيم المنّاح) وسمهعلي ينوف. أضف إلى هذا أن الملوك كانوا يحملون ألقابا عدة في المراسلات تنبئ عن عصور ثلاثة في تاريخ البلاد العربية كمكرب سبأ أو ملك سبأ وملك سبأ وريدان، وبهذه الطريقة يمكننا أن نحدد على وجه التقريب عصر المباني والنقوش المختلفة، وأن نظهر أنها لا تنتمي إلى العصر المسيحي، ولكنها تسبقه أحيانا بثمانية قرون على الأقل.
وإن البون الشاسع الذي يفصل بين قوم سبأ وحمير المحبين للتجارة والسلام وبين العرب الهمج الذين بعث فيهم محمد (صلعم) ليظهر على أشده في خضوع الأولين لآلهتهم التي تعد أساس الآثار الجنوبية العربية كما ذكر ذلك جولد زيهر.
فكان الأمير يشيد معبدا للآلهة شكرا لنصرها إياه على أعدائه ويبارك الكاهن أبناءه وممتلكاته؛ أما المحارب الذي فاز بقتل أعدائه أو بالأسلاب أو بنجاته من المنية فيقدم فروض الشكر ويتوسل في ضراعة أن يكون على الدوام متقلبا في أعطاف رعايتها. وكانوا يعتقدون أن الموتى يعيشون سعداء تحت رحمة إلهية كما كانوا يوقرونهم بل ويعيدونهم أحيانا، وإن العبارة التالية التي ترجمها الكولونيل لهي أوضح مثال على هذا وهي:(لقد تقدم سعد الله وبنوه بنو مرثد بهذه اللوحة إلى مقه هران (سيد الأوَّام ذو عِران أَلِى) الذي تفضل بسماع الرجاء المرفوع إليه حينما أهدى إليه بنو مرثد أول ثمار أرض أرهقم وان مقه هران قد تعهد بحماية سهول ومراعي هذه القبيلة في مساكنهم لقاء ما يقدمونه إليه من الهدايا الكثيرة طول العام، والحق أن أبناء سعد الله سينزلون أرض أرهقهم وسيقربون الضحايا في حرمي عشتر وشمس وسيكون هناك قربان آخر في هران (وكلا العملين بغية أن يتكفل حروت بحماية حقول بني مرثد، والتفضل بسماع شكواهم) وكذلك تقرب القرابين في معبد مقه حروت، وبمقتضى ذلك يتهيأ له المحافظة عليهم بناء على السنة التي ابتع نهجها سعد الله والتي شاهدها في معبد مقه النعمان، أما مقه هران فقد وقى أرض أرهقم الخصبة من الصقيع والطوارئ أو بعبارة أخرى من البرد القارس والحر اللافح)
وقبل أن أختم هذا البحث القائم على البيان الناص عن نقوش العربية الجنوبية لابد لي من أناشد فطنة قرائي الذين يعلمون كم يكون من الصعب أن يكتب المرء بوضوح ودقة عن موضوع ليست مصادره الأولى في متناول يده، خاصة إذا كانت نتائج البحث السابق