الرسالتين الثانية والثالثة تقديراً لما بذلا من جهد، وتحقيقاً لبعض ما علقا من آمال، وإنفاقا لهذا المبلغ في الناحية التي أرصد لها، ولأن الاقتصار على مكافأة واحدة في مباراة كهذه فيه شيء كثير من الغبن وتثبيط الهمم لا يتفق مع ما ترمي إليه المباريات العامة من التشجيع وإظهار الكفايات المغمورة.
ولقد كان غريباً بعد هذا أن بنشر الأستاذ عفيفي بياناً في بعض الصحف يشكو فيه من الوزارة لأنها لم تمنحه المكافأة كلها ولم تغض عما في رسالته من نقص. ويحاول أن يزكي نفسه ورسالته فينشر للمرة الثالثة خطاباً أرسله إليه الأستاذ عبد الوهاب النجار أحد أعضاء لجنة التحكيم يصفه فيه بأنه أقدر من كتب في السيرة بعد القاضي عياض - وتلك شهادة يشكر عليها الأستاذ النجار ويغبط عليها الأستاذ عفيفي - ثم يذهب الأستاذ في بيانه إلى أنه سوف ينشر رسالته، ويحتكم فيها إلى الجمهور لينتصف لنفسه ولرسالته من وزارة الأوقاف.
ولا شك أن الأستاذ عفيفي يعلم حق العلم أنه إذا كان في هذه المباراة غبن أو ظلم فأنه واقع على غيره، وأنه إذا كان لأحد أن يشكو ويتظلم فأن الأستاذ آخر من يحق له ذلك.
على أني أعتقد أن في الأقدام على هذه الخطوة إثارة لحقائق قد تكون مؤلمة. ولقد كنا نتحاشى ونحن نكاد نلمس الغبن الواقع في بعض نواحي هذه المباراة أن نلجأ إلى النشر أو الاحتكام إلى الجمهور احتراماً لرأي اللجنة وتنزيهاً لقرار الوزارة عن مظنة الشك والارتياب. أما وقد أندفع الأستاذ في هذا الطريق فأنا نؤيده في فكرته، وسوف نستأنف معه الشوط الأخير، وللرأي العام أن يحكم، وللتاريخ أن يشهد، وللحق أن يأخذ مجراه.