للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذراعي عيطل أد ماء بكر ... هجان اللون لم تقرأ جنينا

أما الرأي الثالث فيرويه السيوطي في كتاب الإتقان عن الزجاج. فهو يرى أنه مشتق من القرء بمعنى الجمع. ثم هو لا يعتبره مصدراً - كما يروى عن ابن عباس وقتادة - وقد سمى به الكتاب المقروء، وإنما يعده وصفاً على فعلان.

وقد وقف الطبري بين رأيي ابن عباس وقتادة، ثم أخذ يرجح الأول على الثاني بأنه يتمشى مع تأويل قوله تعالى: (إن علينا جمعه وقرآنه، فإذا قرأناه فاتبع قرآنه) على الأصل الثابت المقرر في الدين، إذ لو كان القرآن هنا بمعنى الجمع والتأليف لما لزم الرسول صلى الله عليه وسلم فرض (اقرأ باسم ربك) ولا فرض (يا أيها المزمل) ولا غيرهما من آي القرآن الكريم قبل أن يؤلف إلى ذلك غيره من القرآن.

وهذا توجيه وجيه استطاع ابن جرير أن يملك به على خصمه الحجة في أسلوب منطقي حاسم.

ونحن إذا أجزنا لأنفسنا أن ندخل في هذا النزاع، وندلي برأينا فيه، اتخذنا لأنفسنا مسلكاً غير ذلك المسلك؛ فقد نستطيع أن ننظر إلى المسألة من ناحية فنية محضة، نلتمسها في القرآن نفسه؛ وحينئذ نلاحظ أن كلمتي القرآن والقراءة تزدوجان في كثير من آي الكتاب الكريم، فأولى أن تكون كلمة (القرآن) مشتقة من القراءة لا من القرء، قال تعالى:

(وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستوراً). (فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم). (إن علينا جمعه وقرآنه) (فإذا قرأناه فاتبع قرآنه) (وقرآناً فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا) (فإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون)

وقد تقترن بكلمة القرآن كلمة التلاوة في نحو قوله تعالى: (وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن). (وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله).

إلى غير ذلك من الآيات الكريمة التي تشير إلى أصل كلمة قرآن إشارة نحسبها كافية في مثل هذا المجال.

ثم إن تسمية القرآن بالذكر وبالكتاب تشير إشارة ما إلى هذا الأصل أيضاً، وحسبنا هذا.

<<  <  ج:
ص:  >  >>