كتاب (زاراتسترا) للفيلسوف الشاعر الألماني (فردريك نيتشه) الذي تنشر ترجمته (الرسالة) من مؤلفات الذائعة الصيت في عالم الثقافة الغربية، ويعدُّ هذا الكتاب بل (الديوان) أعظم أثر شعري في العصر الحديث. وقد قيل فيه إنه لم ينتج شاعر في العصر الحديث أثراً يضارع ما حوته دفتا هذا الكتاب! وحسبك أن تعلم أن الموسيقي الألماني الشهير (ريشارد شتراوس) قد لحنه موسيقياً.
وبلغ من تأثير هذا الكتاب أن عُدَّ مسؤولاً إلى حد كبير عن إذكاء تلك الروح التي حفزت الشباب الألماني ودفعته إلى خوض غمار الحرب الكبرى، ولم يقتصر أثر هذا الكتاب على كثير من عقول مفكري الغرب، بل تناول كثيرين من مفكري الشرق. فالشاعر الهندي الفيلسوف محمد إقبال قد تأثر به إلى حد كبير تحسه في كتبه (أسرار الذاتية) و (أسرار اللاذاتية). . . وما دعوة الجهاد الإسلامي التي يريد إحياءها (إقبال) ولا يفتأ يرددها ويدعو إليها إلا أثر من آراء نيتشه وفلسفته في تمجيد القوة والدعوة إلى (السوبرمان).
وجبران خليل جبران الشاعر اللبناني ينهج في كتابه (النبي) نهجاً يشابه طريقه الفيلسوف الألماني، وهو إن خالفه في الروح والمبادئ فانه يشابهه في الأسلوب وطريقة الأداء التي يتميز بها كتاب (زاراتسترا)، وقد تبوّأ هذا الكتاب مكانه في التفكير الغربي كإنجيل جديد يبشر بمذهب جديد في الحياة وغايتهم على الأرض، مذهب هو أقرب إلى الدعوات الدينية منه إلى المذاهب الفكرية الفلسفية.
وقد دعاني إلى كتابة هذه الكلمات ما رأيته من خلاف في نسبة (زارا). على أن كل المصادر مجمعة على نسبته إلى ولكن الخلاف هو في تفسير هذا؛ فالمستر في مقدمة الترجمة الإنجليزية طبعة ' يشير إلى أنه زرادشت صاحب الديانة الفارسية القديمة، وهكذا أيضاً تفسره دائرة المعارف الفرنسية وأما دائرة المعارف البريطانية فلم أجد بها ما يفسره.
على أنه توجد طبعة لترجمة إنجليزية أخرى بدار الكتب المصرية بالقاهرة تفسر هذا الاسم بأنه لأحد آلهة الإغريق القدماء يدعى ولست أدري المصدر الذي استقى منه محرر مقدمة هذه الطبعة. على أن هذا الرأي كفيل أن يسترعي منا كل عناية واعتبار، لأنه من المعلوم