للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

في شكر للناشر، وثناء على المؤلف، في غير افتئات ولا إعنات، وفي نأي عن الحقد والشحناء، والجدل والمراء، والإقذاع والهجاء. كم كان يحلو لي ذلك كله وما في سلكه ونظامه، لولا أن النية منصرفة، إذا مد الله في سني العمر، وأطال في حبل الحياة، إلى أن أفرد لك كتاباً في هذا، وأن أشرح لك فيه ما له صلات بالأدب والعالم، وأعرج لك فيه على مضار الخصومات والاتهام بالزندقة، والتشكيك في العقيدة، لأن العلم يجب أن يكون للحق خالصاً، والأدب يجب أن يُخلق للفن محضاً، والفن يجب أن يتجه للجمال صرفا، والجمال يجب تحليته لرفاهة الحس، ومتعة العين، وصقل الذوق، مستساغاً حلواً)

(وهذه فصول لعمرك تتطلب الدرس والتقرِّي، والفرْي والتقصي؛ ولكن قصارى ما نثبته لك هنا، التوجه إليك بالنصيحة، أن تجعل الدين السمح بينك وبين ربك، وأن تتخذ من هديه تهذيب نفسك، وتقويم عوجك، وتغذية روحك، وأن تتنكب ما في وسعك لها مزالق الفتن، واغترارات التردي، ومجاهل التدسي في الخصومات التي تقوم بين العلم والدين، وبين القديم والحديث، وبين الحق والأضلولة، وبين الموعظة والأحبولة، وبين الوجدان والسخيمة، وبين السليمة والسقيمة، وبين الصدق والمين، وبين القصد والسرف، وبين الافتيات والإرشاد، وبين الإعوجاج والسداد، وبين الحلكة والنور، وبين الإفادة والغرور، وبين الرقة واللطف، والشدة والعنف، وبين التعليم والتجريح، وبين الإبهام والتوضيح، وبين الملتوي والصحيح، وبين اللفظ والمبنى، وبين العبارة والمعنى، وبين الإجحاف والإنصاف، وبين الإصلاح والإتلاف، وبين المعدلة والتحيف، وبين الإفادة والتعسف، وبين الإجادة والتحرف، وبين العقل والشهوة، وبين الزبد والرغوة، وبين الهدى والتدني، وبين الجني والتجني، وبين الشفاء والتشفي، وبين الورع والغاية، وبين البداية والنهاية.)

(ولكن ذلك كله لا يحول بيننا وبين أن نجتزئ لك القول، بأن النقد هو المرشد البريء، والمعلم المؤدب، والظهير المعين، الذي يقدر متاعبك في التأليف، ويشيد بأوجه إحسانك، ويجلي لك مواطن الضعف، في أدب ولباقة، مع تحليل الموضوع، شخصاً كان أو عصراً، إلى ما له من عناصر ومقومات، وأثر بيئة ووسط، ووراثة ودم، ومنبت ومنجم، ومزاج نحيزة، وطبيعة إقليم، إلى ما يلابس عصرك من علوم وفنون، وحقائق وبداية، ونظريات وأسس، ومدارس تفكير، وقواعد جدل، وأصول نقد، ومعايير منطق، ومقاييس مقارنة،

<<  <  ج:
ص:  >  >>