للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

صياداً للحشرات

هكذا تكلم زارا. . .

العفة

احب الغاب، فما تسهل حياة المدن علي وقد كثر فيها عبيد الشهوات الثائرات

لخير أن يقع الرجل بين براثن سفاح من أن تحدق به أشواق امرأة جامحة ملتهبة

إنك إذا ما تفرست في رجال المدن، لتشهد لك نظراتهم بأنهم لا يرون في الأرض شيئاً يفضل مضاجعة امرأة. . .

في أغوار أرواحهم ترسب الأقذار، وأشقاهم من تمرغ عقله بأقذاره

ليتك حيوان اكتملت حيوانيته على الاقل، ولكن أين منك طهارة الحيوان؟ ما أنا بالمشير عليك بقتل حواسك؛ إن ما أوجبه إنما هو طهارة هذه الحواس

ما أنا بالمشير عليك بالعفة، لأنها إذا كانت فضيلة في البعض فإنها لتكاد تكون رذيلة في الآخرين. ولعل هؤلاء يمسكون عن التمتع، غير أن شبقهم يتجلى في كل حركة من حركاتهم

إن كلاب الشهوة تتبع هؤلاء الممسكين حتى إلى ذرى فضيلتهم فتنفذ إلى أعماق تفكيرهم الصارم لتشوش عليه في سكينته؛ ولكلاب الشهوة من مرونة الزلفى ما تتوسل به إلى نيل قطعة من الدماغ المفكر إذا منعت قطعة اللحم عنها

إنكم تحبون المآسي وكل ما يفطر القلوب، أما أنا فلا أثق بكلاب شهواتكم لأن نظراتكم الرصينة تمتلئ شهوات عندما تقع على المتألمين؛ وقد تنكر الشبق فيكم فدعوتموه إشفاقاً وأني لأضرب لكم مثلا على هذا: حالة العدد الوفير ممن أرادوا طرد الشياطين فدخلوا هم في الخنازير بدلاً منها

إذا ما ثقلت العفة على أحد منكم فعليه أن يعرض عنها كيلا تنبسط أمامه سبيلاً إلى الجحيم، جحيم أقذار النفس ونيرانها

لعلكم ترون بذاءة في كلامي، أما أنا فأرى البذاءة حيث لا ترونها انتم

ليست البذاءة في قذارة الحقيقة، بل هي في تدنيها وإسفافها، وطالب المعرفة يأنف من الانحدار إلى مهاويها

<<  <  ج:
ص:  >  >>