وراحت تُعربدُ ريح المنون ... وترمي صواعقها بالشرَر
تقدَّم يزجي صفوف الجهاد ... وليس من الموت فيه وَزر
عنيد الخصومة صعب الأباء ... شديد المراس جليل الخطر
على رأسه من جلال المشيب ... هدًى ومن الحق نورٌ بهر
وليس بيمناه غيرُ اليقين ... إذا غيره بالسنان افتخر
فتىَّ الفؤاد له عزمةٌ ... تذيب الحديد وتفري الصخَر
سل الموت كيف طغى موجه ... وكيف صبرنا له فانحسر
سل المجد كيف ارتخصنا النفوس ... وكيف ارتضينا ظلامَ الحُفر
وكيف انثنت دوننا الحادثاتُ ... وكيف انجلت جائحات الغمر
سل الحرب من خاضها قبلنا ... بغير القنا والظبا فأنتصر؟!
بني مصر وافاكمو يوُمكُمْ ... وثاب الزمان ولان القدر
جعلتم من الروح مهر الخلاص ... فسال بها من دمكم وانتشر
وَما ضنَّ حُرٌّ غداة النضال ... وَلا مَنَّ يوماً بها من مَهَرْ
فلله موقفكم في الفداء ... ولله سيرتكم في السِّير!
ومصر لكم في غدٍ أمرها ... أعدوا لها من جليل الأثر
بني مصرَ لا يُكتفَي بالصباح ... فقد يعقب الصَّفْوَ فيه الكدر
هلموا فما دون رأْدِ الضحى ... وما دون جذوته من وطر
هلموا إلى صهوات العلى ... فما ضلَّ ساع لها أو عثر
وكونوا لها في ظلال السلام ... كما كنتمو في غواشي الخطر
فليس السلام ركوناً وعجزاً ... وَلكنه همة تُعتصر
شبولَ الحمى لن يِذِلَّ الشبولُ ... وَلن يعرف الليث معنى الخور
زمانكمو للجريء النطاح الد ... ؤوب الجلادِ القويِّ الظفُر
لكل كميِّ يخوض الوغى ... إذا شب جانِبُها وَاستعر
وَلن تتناعس أظفارُه ... إذا زحمته ذئاب البشر
فروضوا على البأس أخلاقكم ... ير العَصْرُ من روحكم ما استتر