العملية مستقلاً في آخر سنة ١٦٣١، اعني عندما بلغ الخامسة والعشرين؛ إلا انه ظل - ولو أن أول لوحة له مؤرخة سنة ١٦٢٧ - يواصل الليل بالنهار في المران والمشاهدة، حتى إذا ما بلغ الثلاثين كان أستاذاً معترفاً به
تزوج رمبراندت في أواخر يوليو سنة ١٦٣٤ من زاسكيا فان اولنبرج، فأتمت عليه نعمة الحياة؛ ولم يكن اختياره لها لمجرد الهدوء إلى جانب زوجة، بل لأنه وجد فيها خير معين؛ وكان القدر قاسياً، فلم تمض ثماني سنوات حتى فرق الموت بينهما
كانت وفاة زاسكيا فاتحة مصائب كثيرة، تراكم دينه، وساءت حاله؛ بعد أن كان من عشاق جمع الصور النادرة والتحف الثمينة، اصبح والمحكمة تحدد موعداً لبيع بيته وما فيه
وكانت هندريكا ياجرز مدبرة بيته عاشقة له معجبة به، فتقدمت بمالها الخاص وأنقذت الموقف ولم يتم البيع
أثرت هذه الصدمات تأثيراً فعالاً في اتجاه الفنان، نتبينه في لوحات كثيرة له، فنرى بعضها تشمله روح اكتئاب وحزن ظاهرين
توفي رمبراندت في اليوم الثامن من أكتوبر سنة ١٦٦٩ بعد حياة مليئة بالإنتاج الفني الهائل، الذي تخلله هدوء العيش حيناً، وآلام النفس أحياناً أخرى، معتبراً في التاريخ العام وتاريخ الفن إماماً لفناني المدرسة الهولاندية إطلاقاً
وتاريخ الفن لا يعنى بإنتاج الفنان من حيث الكثرة؛ وإنما يعني أول ما يعني بقدرته على الابتكار، ولمس النواحي التي لم يسبق لغيره معالجتها، ولذا يقول كارل بوليوس فيبر بان الفنان الجدير بالتسمية هو ذلك الذي ينتج ما لا يستطيع غيره انتاجه؛ لاننا نقول أن إنتاجاً ما بعيد عن الفن إذا استطاعت الكثرة عمل نظيره
ترك رمبراندت حوالي الخمسمائة لوحة، صورها خلال ثلاثين سنة، مثلت المناظر التاريخية الدينية، والشخصية، والطبيعية بروح لا يمكن لغيره تصويرها
حفظت المتاحف والكنائس كثيراً منها، وتتباهى الممالك بكثرة ما بمتاحفها وكنائسها من عمله، وتوجد أربعون لوحة منها بمتحف بطرسبرج ومثلها بباريس وكاسل وامستردام، واثنتا عشرة ببرلين واقل من ذلك بفينا ومدريد
هذا عدا ما هو في حيازة الأفراد؛ فلدى ملك إنجلترا ودوق وستمنستر والليدي والاس،