للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

(طفيفة جداً) بالنسبة إلى الفروق الهائلة التي تشاهد بين مناهج المدارس الابتدائية والأولية في مصر. مع هذا، قام علماء التربية ورجال السياسة في تلك البلاد بحملات عنيفة ضد تلك الحالة، وأثاروا حولها أبحاثاً دقيقة ومناقشات شديدة، انتهت في معظم البلاد بتوحيد أسس الدراسة الابتدائية وفقا لمبدأ (المدرسة الموحدة) ذلك المبدأ الذي يلخص في عبارة (شعب واحد، مدرسة واحدة).

أفليس من الغريب جداً ألا تبدأ في مصر إلى الآن أية حركة ضد هذا النظام؟.

إنني لا اجهل بأنه نشأت في مصر - منذ مدة - حركة مباركة تطالب بتوحيد التربية والتعليم، وتعمل في سبيل ذلك بنشاط وقوة. غير أني ألاحظ في الوقت نفسه أن أغراض تلك الحركة المباركة وخططها لم تتعد حدود (التوحيد بين المدارس الأميرية والمدارس الحرة؛ في حين أنني اعتقد اعتقاداً جازماً بأن هذه الحركة لا يمكن أن تثمر الثمرة الكافية، إذا لم تسع لتوسيع نطاق عملها فتشمل في الوقت نفسه (توحيد أسس الدراسة في المدارس الأميرية نفسها).

إن الفرق العظيم الموجود بين مناهج المدارس الابتدائية والأولية كان من أول النقائص التي استوقفت نظري في نظام التعليم في مصر عندما زرت مدارسها للمرة الأولى سنة ١٩٢١ قبل مجيئي إلى العراق؛ واستمرار هذه الفروق بدون معارضة أو انتقاد كان من أهم ما استقلت نظري عن زيارتي الثانية لها سنة ١٩٣٦

لقد عرضت ملاحظتي هذه - عند زيارتي الأولى على وشك المعارف بكتاب خاص. وعندما قدمت العراق، وجدت أن السلطة الإنكليزية كانت قد نقلت هذا النظام إلى هذه البلاد أيضاً، وكانت قد أحدثت مدارس أولية تختلف بمناهجها عن المدارس الابتدائية. وأول الأعمال التي أقدمت عليها - عندما توليت إدارة المعارف العامة هنا - كان القضاء على ذلك النظام؛ فقد وحدت برامج الدراسة في السنين الأربع الأولى توحيدا تاما، وجعلت الدراسة الأولية منطبقة على دراسة السنين الأربع الأولى من المدارس الابتدائية كل الانطباق.

أقدمت على ذلك - حينئذ - تحت تأثير عقيدة تربيوية اجتماعية، قبل أن أرى مفعولها في كثير من البلاد بصورة فعلية. فإن مبدأ (المدرسة الموحدة) كان قد دخل حديثاً في صلب

<<  <  ج:
ص:  >  >>