للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

العقول بمعنى من معاني توكيد الاستقلال والتأهيل لاستكماله، لأنه يشعر بالعظيمة التي ألقيت على كاهله في عصر الانتقال وتغير مجرى التاريخ، وإليه مآل الحوادث وقرار النتائج

ذلكم هو وطني من بعد. . أبي وأبوكم الرحيم أيها المصريون! تشيع منه في عيني صورة حاضرة على غيابه، مجلوة على احتجابه، طائفة في المُصبح والمُمسي، والخلوة والجلوة

وقد شاء الله أن تعود الحرية النائية إلى ربوعه وأنا عنه بعيد، فلم أشهد مواكبها وعرسها على الجباه والشفاه، ونشوتها في الأرواح والأشباح، وأملأ فراغي من فرح الحياة بها كما ملأته من الأسى عليها وهي حمراء دامية. . واضحك للبلسم كما بكيت للدم!

ولي ولع برؤية الجماهير ورصدها، وللجماعة في أعصابي سحر. . . عجيب يجدد إيماني بقوة الذرة إلى الذرة. إلى الصحراء، وبالقطرة إلى القطرة. . . إلى الدأماء، وبالإنسان إلى الإنسان. . إلى الدولة. فكانت مناي أن أرى الشباب الذي طالما خر إلى الأرض شهيداً يخر للأذقان ساجداً تحت رجفة من هتاف الزعيم (اسجدوا. . اسجدوا لله شكرا)

طلع الفجر يا بني أبي! وانفجر الضوء، فاغسلوا قلوبكم بنوره، ونقوا ضمائركم بطهوره، وأشيعوا معانيه في صدوركم، وسلطوه على أوكار الظلام والضعف والجهل، واقتلوا به الحشرات المخربة الدنيئة. . . ثم أجمعوا أمركم لسفر طويل في طريق وعر مملوء بالإشراك والتعاسيف والمتاهات والزحام والسعالي والغيلان. . وجثث الأمم الوانية الخطى، الخرقاء التدبير، المتخاذلة القوى، المفرقة الهوى. . . طريق المجد!!

وقبل السير قفوا وتلفتوا إلى الخلف، وسرحوا الأبصار في معالمه، وتذكروا أغلاط الماضي واستوحوا هداه وعبره، فإن ذلك أحرى أن يطرد معه السير على الجادة دون انحراف إلى بنيات الطريق

بغداد

عبد المنعم خلاف

<<  <  ج:
ص:  >  >>