أطار صواب اللورد صاعق هولها ... فولى على أعقابه غير آئب
وشد على قصر الدبارة شدة ... تبين منها اللورد سوء العواقب
تداعت بها أركانه وتجاوبت ... مقاصيره تبكي بكاء النوادب
وكاد يقول القصر للورد: أخلِني ... فلو دام هذا القذف لاندك جانبي
ظلمت فما ذنبي تعرِّض ساحتي ... عناد الليث مرهف الناب غاضب
فلو كان لي في ساكني متخيَّرُ ... لأغلقت بابي دون إيواء غاصبي
وسل بعده غورست ما فعلت به ... بَواتِر أمضى من نصال المضارب
بَواتر صاغتها قريحة شاعر ... من اللفظ لم تحفَل بحشد الكتائب
تمزق من أعراضهم لا جسومهم ... فما القتل أن تعني بحشو الجلابب
وما قتل الأحرار كالهجو إنهم ... يرون أليم الطعن طعن المناقب
ولم أر سيفا كاللسان قرابه ... فم وشباه من قواف صوائب
يُرى شِعرُه بين الصفوف محارباً ... وصاحبه في الناس غير محارب
وسل مجلس الشورى تجبك من البلى ... مواقف صرعى الجاه صرعى المناصب
رآهم لأغراض العميد مطية ... وأن الحي الأشياخ لعبة لاعب
فأوتر قوس النقد غير مصانع ... وسوّد مبيّض اللحي غير هائب
فذاك جلال الشعر لا شعر عصبة ... يطالعنا تجديدهم بالحواصب
هُم جدري الشعر آذوا جماله ... بما ألصقوا في حسنه من معايب
عناوين كالألغاز حيرت النهى ... ومما تحتها معنى يلذ لطالب
دواوين حسن الطبع موّه قبحها ... وهل يخدع النقاد نقش الخرائب
فيا ضيعة الأوراق في غير طائل ... ويا طول ما تشكو رفوف المكاتب
وكم دافعوا عن مذهب العجز جهدهم ... فما غسلوا أسواء تلك المذاهب
وكم ملأوا بالزهر والنهر شعرهم ... بلا طيب مستاف ولا ريّ شارب
وكم يذكرون الأيك والطير صدحا ... عليها فلم نسمع سوى صوت ناعب
وكم لهجوا بالشمس حتى تبرمت ... بهم وتمنت محوها في الغياهب
وكم أقلقوا بدر الدجى في سكونه ... وكم أغرقوا سماعهم بالسحائب