فالمجد والعلياء ما قد نظمتما ... وللخلد في دنيا كما هذه الخمر
ترنح منها الثائرون كأنها ... ألم بهم من كأس شعركما السكر
أحافظ كم نادى بما قلت شاعر ... ولكن ما أطلقته الصرخة البكر
وما سمعت أقطار يعرب قبلها ... هتافا تنادي في مقاطعه القطر
قصائد من وحي الشعوب أنينها ... فناضمها فرد وملهمها كثر
أتيت بها والروع مرخ سدوله ... على كل فج ضاق في رحبه الصدر
تسير بها الأقوام حيرى وليس في ... مطالعها بدر ينير ولا زهر
فأوقدت للسارين قلبك مشعلا ... تفجر من أشعاعه المجد والكبر
رأى القوم أن النور في القلب فاهتدوا ... إلى قلبهم يجري بأعشاره الفخر
وهل في قلوب العرب إلا مشاعل ... من القبس الهادي أضاء به الذكر
خبا نورها حينا فضلت عن الهدى ... ولولا انطفاء القلب ما اظلم الفكر
أحافظ، قد أديت فينا رسالة ... ختمنا بها عصرا فلاح لنا عصر
وحملك الماضي فجيع احتضاره ... فيالك حر نال من روحه الأسر
تحملت لا يرميك بالعجز فاضل ... وناضلت لا يرميك بالسفه الغر
وقد كنت مصريا صميما بلاده ... وأوطانه قلب العروبة والنحر
وما عاش قلب دون جسم يضمَّه ... وما عاش جسم قلبه عنه يزور
ألا رحم الله الذي مد كفه ... على صفحات البحر فانفلق البحر
وسارت على أمن تصافح يعربا ... فصافحها المعمور والمهمه القفر
أشاعرنا، هذي قوافيك ألهبت ... دم الأسد الباكي ففي دمه جمر
وكم من شهيد لو نثرت دماءه ... لفاح على الدنيا به ذلك الشعر
يقولون لو لم يحكم الصمت حافظاً ... ويطوي على غل قوادمه الصقر
لحلَّق فوق النيرين جناحه ... وفاض على الشرقيين من روحه السحر
أما والذي أخفى عن النفس كنهها ... فأدرج في أسرارها الجهد والأجر
لكل من الأرواح قسط مقرر ... لها وعليها لا كثير ولا نزر
إذا البلبل الصداح أكمل شدوه ... وبلغ ما ألقى على روعه النشر