للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

كأن عصا موسى أعيدت بكفه ... يصاول من يرمي بها ويغاوره

يقول جريئا ما يريد وربما ... يقول الفتى ما لم ترده سرائره

وكم من فتى يقضي بنفسين عيشه ... مظاهره نفس، ونفس مخابره

تراه من النساك في خلواتهم ... وفي الحان قد نمت عليه ستائره

لسان كما طال الجرير مسبح ... رياء ومن خلف اللسان جرائره

إذا لم يكن في الحرب قلبك باترا ... فماذا يفيد المرء في الحرب باتره

حنانا له كيف استقرت به النوى ... وكيف ثوى بعد التلفت حائره

وهل بعد ليل في الحياة مؤرق ... كثير التظني أبصر الصبح ساهره

شققت إليك الطرق والقلب خافق ... تراوحه آلامه وتباكره

تذكر آلافا ألموا فودعوا ... كطيف خيال أرق الصب زائره

ونحن حياة والحياة إلى مدى ... ولولا المنى لم يبذر الحب باذره

وأن المهود الزهر - لو علم الفتى ... وفكر في غايتهن - مقابره

سموت إلى بغداد والشوق نحوها ... يساورني حينا وحينا أساوره

كلانا نأى عن أهله وعشيره ... ليلقاه فيها أهله وعشائره

حبيب إلى نفسي العراق وأهله ... وسالفه الزاهي المجيد وحاضره

ديار بها الإسلام أرسل ضوءه ... فسار مسير الشمس في الأفق سائره

ومدت بها الآداب ظلا على الورى ... تساوت به آصاله وهواجره

تجلى بها عهد الرشيد وعزه ... وزاهر ملك الفاتحين وباهره

إذا شئت مجد العرب في عنفوانه ... فهذي مغانيه، وهذى منائره

أطلت على الدنيا فأبصرت الهدى ... كما لمعت في جنح ليل زواهر

تفاخر بالغازي الذي سار ذكره ... ودوّت بآفاق البلاد مفاخره

هو الملك أمضى من شبا السيف عزمه ... وأغزر من ماء السحائب هامره

نماه بناة المجد من آل هاشم ... فجلت مراميه وطابت عناصره

أعاد إلى عهد البيان شبابه ... فهب فتيا ينفض الترب داثره

يريك به المنصور مأثور حزمه ... وتذكرك المهدي فيه مآثره

<<  <  ج:
ص:  >  >>