يعرفون أنها لا ترقص؟. هي مثلي إذاً. . ولكني مهيض الساق فهل تراها. .؟ لا لا. . إني رجل، فلا بأس ولا ضير علي من كسر يصيب ساقي ولكنها تكون مسكينة حقاً إذا كان الله قد امتحنها بمثل ما امتحنني به. . أعوذ بالله. . كلا. . لا أظن. . وشاء حسن الحظ أن تقوم الفتاة في تلك اللحظة وأن تقبل على جيراني فإذا قدها سخيف جداً فانصرفت عنها وحمدت الله الذي أبى أن يشغلني بها عن الجميلات. .
وأطفئت الأنوار وبقيت بضعة مصابيح حمراء وخضراء وعزفت الموسيقى لرقصة التانجو فقلت هذا أحسن وأمتع. . وإذا بشاب أسود وعلى عينيه نظارة يقترب من الفتاة الهيفاء ذات الثوب الأرجواني ويهز لها رأسه فتنهض مرتاحة مسرورة يا أخي!. . أما أن هذا لغريب!. . من أين عرفها؟. . بل من أين جاء؟ فقد درت بعيني في المكان كله ولم أدع ركناً أو زاوية إلا حدقت فيها؛ ولست أعمى ولا قصير النظر وإن كنت أحمق قليل العقل. . وهززت رأسي مستغرباً. . وقلت لنفسي لولا إن الله ابتلاني بساق لا خير فيها أما كنت أنهض أنا أيضاُ لأراقص هذه البنت الجميلة؟. . وزاد عجبي أني رأيته يحسن الرقص وأنها فرحة به ومقبلة عليه. ورنت ضحكتها الفضية فقلت لنفسي يا ملعون!. وظريف أيضاً؟. . إذن أنت تستحق هذه النعمة التي كنت أظنك غير جدير بها. وقد وهبتكها فليس أحق بها منك!. .
وكانت أصابعي تعبث بعلبة الكبريت وتحركها على صوت الموسيقى أراعي الراقصين ولا يفوتني أن أنقد حركاتهم إذا كان قد فاتني أن أشاركهم فجعلت أقول لنفسي. . لا. . هذه الميلة ليست حسنة ولا رشيقة. . كان ينبغي أن يكون الانحراف فيها أقل. . هذا الأحمق يجب أن ينزل بكفه الغليظة إلى الخصر. . ماذا يظن أنه يصنع؟. . ألا يرى أن الفتاة تميل إلى الوراء فكيف يبقي كفه على طرف الكتف؟. أما إنه لمجنون. . وهذا الأبكم ألا يجد كلاماً يقوله لصاحبته فيشيع البشر في محياها؟. . لماذا يدعها كأنما صب وجهها في قالب؟. . في أي شيء غيرها يفكر هذا الأبله؟. . أما لو كنت أنا مكانه؟. . إذن لأريته. . ولكني مع الأسف قاعد أنظر ولا أرقص. وقد خدرت ساقي من طول ما تركتها على أختها فلأرحها قليلاً
وأنزلت ساقي والتفت وأنا أعتدل في مجلسي فإذا الزنجي الضخم واقف إلى جانبي، فقلت