فيه أن اللذين يكتبون عن الفلسفة اليونانية وأثرها في الفلسفة الإسلامية وعن حركة الترجمة والنقل من اليونانية إلى العربية بواسطة السريان، يجدون في هذا السفر مادة غزيرة لا يمكنهم أن يستغنوا عنها مطلقاً.
وله كتاب آخر وهو عظيم الخطر في العلوم الإسلامية أعني به ما كتبه عن مصاحف القرآن الكريم. كان الأستاذ نولدكه قد ألف في أواسط النصف الثاني من القرن التاسع عشر كتاباً عن تاريخ القرآن كان له الدوي العظيم والأثر البعيد في أندية العلماء في أوربا، ولما احتاج الكتاب إلى تنقيح وزيادات وكان الأستاذ نولدكه قد توغل في بحوث أخرى تناوله الأستاذ شوللى واخرج الطبعة الثانية من كتاب تاريخ القرآن الكريم مع زيادات وملاحظات كثيرة، ولم يكن الكتاب كمل بعد، لذلك أتم برجستريسر ما بدأ به نولدكه وشوللي فدون الجزء الثالث من تاريخ القرآن الكريم وهو كتابه عن المصاحف، وقد رأى الأستاذ برجستريسر أن يبحث في قراءات القرآن وهي مادة لم يكن ليشتغل فيها غيره من كبار المستشرقين، فقضى سنين طويلة يراجع بصبر وأناة كل ما دون في أمهات المصنفات الإسلامية في هذه المادة من كتب مطبوعة ومخطوطة، وكانت نتيجة هذه الأبحاث الطويلة أنه طبع (١) كتاب غاية النهاية في طبقات القراء لشمس الدين أبي الخير محمد الجزري المتوفى سنة ٨٣٢ هـ (٢) كتاب شواذ القراءات لابن خالويه (٣) رسالة باللغة الألمانية عن القراءات القرآنية الشاذة في كتاب المحتسب لابن وهو آخر مصنف وضعه الأستاذ برجستريسر في حياته، ومما يلفت الأنظار أن هذا الكتاب مقدم إلى الدكتور طه حسين.
ويجب ألا يغيب عن البال إن الأستاذ برجستريسر قد أتقن ما عدا اللغات السامية: الفارسية والتركية أيضاً، وقد وضع جملة مقالات عن آداب هاتين اللغتين نشرت في مجلات المستشرقين في مناسبات شتى كان الأستاذ أنوليتمان
المستشرق الشهير صاحب المدونات عن الكتابات العربية قبل الإسلام، المعروفة بالخطوط الثمودية واللحيانية (راجع كتاب تاريخ اللغات السامية لكاتب هذه السطور ص ١٧٥ - ١٨٨) بعد أن ألقى محاضرات في الجامعة المصرية في السنة الدراسية ١٩٢٨ - ١٩٢٩ ولم يستطع الرجوع إلى الجامعة بعد ذلك الحين أشار على الهيئات الرسمية بالجامعة