للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تعلن القروح، في حين أن الفكرة الدنيئة تختفي كالنواحي الفطر وتظل منتشرة حتى تودي بالجسم كله، ومع هذا فإنني أسر في أذن من تملكه الوسواس الخناس: (إن من الخير أن تدع الوسواس يتعاظم فيك لأن أمامك أنت أيضاً سبيلاً يوصلك إلى الاعتلاء)

مما يؤسف له أن يكون جهل بعض الشيء خيراً من إدراك كله؛ غير أن من الناس من يشف حتى تبدو بواطنه، ولكن ذلك لا يبرر طموحنا إلى استكناه مقاصده. ومن الصعب أن نعيش مع الناس مادمنا نستصعب السكوت

إن ظلمنا لا ينزل بمن تنفر منه أذواقنا بل يسقط على من لا يعنينا أمره.

وبالرغم من هذا، إذا كان لك صديق يتألم فكن ملجأ لآلامه ولكن لا تبسط له فراشاً وثيراً بل فراشاً خشناً كالذي يتوسده المحاربون وإلا فما أنت مجديه نفعاً

وإذا أساء إليك صديق فقل له: إنني اغتفر لك جنايتك علي ولكن هل يسعني أن أغفر لك ما جنيته على نفسك بما فعلت؟

هكذا يتكلم عظيم الحب، لأنه يتعالى حتى عن المغفرة والإشفاق علينا أن نكبح جماح قلوبنا كيلا تجر عقولنا معها إلى الضلال.

أين تجلى الجنون في الأرض بأشد مما تجلى بين المشفقين؟ بل أي ضرر لحق بالناس أشد من الضرر الناشئ عن جنون الرحماء؟

ويل لكل محب ليس في محبته ربوة لا يبلغها إشفاقهم قال لي الشيطان يوماً: إن للرب جحيماً هو جحيم محبته للناس

وقد سمعت هذا الشيطان يقول أخيراً: لقد مات الإله وما أماته غير رحمته

احترسوا من الرحمة لأنها لن تلبث حتى تعقد فوق الإنسان غماماً متلبداً: وما أنا بجاهل ما تنذر به الأيام

احفظوا هذه الكلمة أيضاً: - إن المحبة العظمى تتعامى عن رحمتها فإن لها هدفها الأسمى وهو خلق من تحب

- إنني أقف نفسي على حبي، وكذلك يفعل أمثالي: هذا ما يقوله كل مبدع، والمبدعون قساة القلوب.

هكذا تكلم زارا. . .

<<  <  ج:
ص:  >  >>