الحق، وكل ما يؤدي إلى عكسها فليس من الديمقراطية في شيء. وفيما يلي شرح لوسائل تيسير الديمقراطية على النحو الذي عرفناها به.
وفي أول هذه الوسائل بل أولها أن يعم التعليم وينتظم التثقيف جميع أفراد الأمة ثم يسار فيه على نهج واضح من الاختصاص والأفراد. وعموم التعليم يجئ في أول وسائل الديمقراطية لأن عصرنا هذا عصر العلم والسرعة والاقتصاد، لإنجاح فيه مضمون إلا لمن توسل للنجاح فيه بوسائل من علم يتقن أو فن يكتسب والأوربيون على أتم الإدراك لهذه الحقيقة فتراهم لا يألون جهداً ولا يدخرون وسعا في تعميم التعليم وتيسيره بحيث ينتظم جميع أفراد الأمة ويصيب كل منه على قدر استعداده وكفايته. وهم يبالغون ويشددون في هذا التعميم والتيسير فلا يكتفون أن يعدوا وسائل العلم والتثقيف ويتركوا أمر اكتسابها لاختيار الجمهور وهوى الأفراد، بل تراهم يفرضون العلم والثقافة فرضا على جميع أفراد الأمة فلا يستطيع أحد أن يستمر على أمية أو يمضي في جهل حتى لو أراده. والأوربيون بعد لا يكتفون بأن يعمموا التعليم ويفرضوه على جميع الأفراد، بل تراهم ينوعون العلم ويعددون فروع الاختصاص حتى يصيب كل فرد من العلم ووسائل النجاح ما يتلاءم وكفاياته الخاصة ومواهبه الموروثة. وهذا هو الذي من اجله تفتح الجامعات ودور الفن الخاص حيث يستطيع كل فرد أن ينال من العلم والفن كماً وكيفاً خير ما يستطاع نيله. على أن حرص ذوي الشأن هناك على استغلال كفايات الأفراد أحسن استغلال لا يدعهم يتركون الأفراد وهواهم واختيارهم لما يشاءون من العلم والفن بل تراهم في كثير من الأحوال يتدخلون في حرية الأفراد ويحددون اختيارهم ويربطون بنوع ابرز كفاياتهم، فترى المربين وعلماء النفس يتوسلون باختبارات الذكاء العام والخاص، ليدركوا مبلغ قابلية الفرد للعلم وليدركوا في أي نواحي المعرفة والمهارة يستطيع أن يجيد ويبرز نسبيا أو إطلاقا ثم يدفعونه في ناحية ابرز كفاياته فتكون النتيجة خيرا له ولقومه
ولا يكتفي أولو الشأن هناك بأعداد الفرد أحسن الأعداد وتزويده بأحسن زاد من العلم والخبرة، بل تراهم يزيلون من طريقة الكثير من العثرات والعقبات المصطنعة غير الطبيعية؛ فلا مذهب سياسي ولا عقيدة دينية ولا منزلة اجتماعية ولا نفوذ شخصي بمعطِ فردا فرصة من النجاح لا تؤهله لها كفاياته على وجه الدقة أو التقريب. هذا ولسنا نزعم