للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

رأيت رجلا وقورا فحسبته بالغا من النضوج ما يدرك به معنى الأرض، ولكنني رأيت امرأته بعد ذلك فلاحت لي الأرض كأنها مأوى المجانين. أود لو تميد الأرض بي عند ما أرى رجلا فاضلا يتخذ له زوجة حمقاء. من الناس من يتجرد كالأبطال سعياً وراء الحقائق فلا يلبث حتى يصطاد رباطاً مزيفاً يدعوه زواجاً ومنهم من اشتهر بحذره في علاقاته وبصرامته في اختياره، فإذا هو بين ليلة وضحاها قد افسد حياته ووقف يدعو هذا الإفساد زواجا. ومنهم أيضاً من كان يفتش عن خادمة لها فضائل الملائكة، فإذا هو ينقلب فجأة خادما لامرأة وقد حق عليه أن يتصف هو بالفضائل الملائكية.

فتشت في كل مكان فما رأيت إلا مشترين يقلبون السلع وعيونهم تتدفق مكراً، ولكن امكر هؤلاء الناس لا يتوصل في آخر الأمر إلا إلى ابتياع هرة يدسها في جلبابه.

إن ما تدعونه عشقاً إنما هو جنون يتتالى نوبة بعد نوبة حتى يجئ زواجكم خاتماً هذه الحماقات بالحماقة المستقرة الكبرى. ويا ليت حب الرجل للمرأة وحب المرأة للرجل كانا إشفاقاً يتبادله إلهان يتألمان، ولكن هذا الحب لا يتجلى في الغالب إلا تفاهما بين إحساس حيوانين وما خير الحب لو تعلمون إلا تحول واضطرام في ألم وخشوع إن هو إلا المشعل ينير أمامكم مسالك الاعتلاء وسيأتي يوم يتجه فيه حبكم إلى مقر ابعد وارفع من مستقر ذاتكم لقد بدأتم بتعلم الحب لذلك ترتشفون الآن المرارة الطافية كالحب على كأسه.

إن في كاس كل حب إطلاقا وحتى في كاس أرقى حب مرارة لابد لكم من تجرعها؛ وهذه المرارة هي التي تنبه فيكم الشوق إلى الإنسان الكامل وتلهب فيكم الظمأ إليه أيها المبدعون إذا كان هذا الظمأ هو الذي يدفع بك إلى طلب الزواج يا أخي وإذا كنت تشعر بشوقك يندفع كالسهم نحو الإنسان الكامل فإنني اقدس إرادتك واقدس زواجك

هكذا تكلم زارا. . .

تخير الموت

كثير من يتأخرون في موتهم، وكثير من يبكرون. فإذا قال قائل للناس بالموت في الزمن المناسب رفعوا عقيرتهم مستغربين. وزارا يعلم الناس أن يموتوا في الزمن المناسب. ولكن إن لمن يعرف الحياة أن يتخير الموت في أوانه؟

أفما كان خيرا للدخلاء على الحياة لو انهم لم يولدوا ولكن هؤلاء الدخلاء يريدون أن يولي

<<  <  ج:
ص:  >  >>