للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الأخرى شباب الأمة. هذه مياديننا الحيوية تعج بالجيوش الغربية، ليس لنا من بينها جندي ولا قائد، وليس لنا من ورائها فخر ولا مغنم إنما يتنافسون ونحن الخصوم ويتقاتلون ونحن القتلى. فمن الذي يحتل هذه الميادين المغصوبة، ويغزو هذه الجيوش الغاصبة؟ وهذه طبقاتنا العاملة تفتك بنشاطها الفطري جراثيم الجهل والفقر والمرض؛ فمن الذي ينبه عقولها بالعلم، ويشد أيديها بالمال، ويمسح على أبدانها بالعافية؟ الشباب هم الجواب عن هذين السؤالين وعن غيرهما من كل ما يخطر بالبال من مسائل الاستقلال ومشاكل البلد

ستقرأ في (رسالة الشباب) من هذا العدد كلمة لشاب كريم يقترح فيها على إخوانه التجنيد المدني لزحف اجتماعي عام يهاجم عوامل الضعف في العلم والأدب والسياسة والاقتصاد والأخلاق والنظم، وجعل لهذه الغزوات الأدبية خمسة أعوام تحشد فيها الجنود وتنصب القادة وتوضع الخطط وتوزع الفرق وتعين الميادين ويتم النصر، وليس أجدى ولا أجدر في الحال التي نحن فيها من هذه الفكرة. فقد وقفنا طويلا نقنع المكابرين أننا أمة لها وجود مستقل، ودولة لها سلطان سيد، فجر علينا هذا الوقوف أن تخلفنا عن الأشباه تخلفا لا يسوغه مجد الماضي ولا طموح الحاضر. فسبيلنا إلى اللحاق أن نتهالك في السير لا نتراخى ولا نتريث، نبصر هدانا على رأى الشيوخ، ونحمل ضعفنا على قوة الشباب، ونستمد حوافزنا من الذكرى، ونرسل مطامعنا مع الأمل.

هذا الاقتراح طبيعي تقتضيه الحال بعد أن فرغنا من الإنجليز بمعاهدة الزعفران، ومن الدول باتفاق مونترو، فلم يبق ما يشغل الرءوس والأيدي إلا أمورنا الداخلية، ومشاكلنا الاجتماعية. فكيف السبيل إلى تحقيق هذا المقترح؟ أنكتفي بجهاد الطلاب من الشباب في أوقات الفراغ وأيام العطلة، يزورون المدن ويرودون القرى فيثقفون العامل ويعلمون الفلاح وينفثون من روحهم الوثابة حياة في النفوس، وصحة في الجسوم ويقظة في المدارك؟ أم نؤلف فرقا دائمة من الشباب المتخرج يكون فيها المعلم والطبيب والمهندس والزراعي والواعظ، فيسيرون بعتادهم وخيامهم (روادا) يغشون القرية بعد القرية، يدرسون أحوالها، ويكشفون أدواءها، ويعالجون كل شيء بما يساعد على صلاحه، أو يعين على نجاحه؟ أم نعبئ جيشاً سلمياً نظامياً من المتعلمين المتعطلين نُعدهم إعداداً خاصا للدعاية والإرشاد والدفاع، ونمدهم بالكفاف من المال، ونجعل بعضهم مع الزراع، وبعضهم مع العمال،

<<  <  ج:
ص:  >  >>