لما سرت عقيدة امتزاج الآلهة التي ترجع بالتعدد إلى أصل واحد وقالت بالثالوث المكون من:(أوزيريس) و (إيزيس) و (هوروس) الثلاثة الراجعين إلى واحد، ثم تطورت من التثليث الموحد إلى التتسيع الموحد كذلك، فقالت بتسعة آلهة يرجعون في النهاية إلى إله واحد، حدث اضطراب في الأفكار، وتناقضت العقيدة مع العقل وكاد يحدث بينهما تناقض خطير لولا أن أخذ المفكرون يفلسفون ويسلكون الممكن والمستحيل من السبل ليوفقوا بين العقل والعقيدة ولكنهم أخضعوا العقيدة للعقل، بل وللعقل الواقعي أو الطبيعي حيث قرروا أن الماء هو (الكاؤوس) المبهم أو العنصر الأول المشتمل على جميع ما في الكون من عناصر، وأنه كان ولا شيء معه لا آلهة ولا أناسي، وأول من ظهر من الماء هو (رع) الذي لم يلبث أن تمركز وكون الشمس، ذلك الكوكب العظيم الذي من فعله ظهر إلهان عظيمان هما:(سو) أي الهواء و (تيفنيه) أي الفراغ. ومن اجتماع هذين الإلهين تولد إلهان آخران هما:(جيب) أي الأرض و (نوت) أي السماء، ومن اجتماع هذين الإلهين أيضاً نشأ أربعة آلهة كل اثنين منها على طرفي نقيض من الآخرين، فأما الزوج الأول فهو (أوزيريس) أي النيل، و (إيزيس) أي الأرض المخصبة؛ وأما الزوج الثاني، فهو (سيت) أي الصحراء، و (نيفتيس) أي الأرض القاحلة، وهذه هي الآلهة التسعة الراجعة إلى واحد والتي كان المصريون يطلقون عليها: , أي المتسع أو التاسوع المقدس. ولم يكن هذا التاسوع هو كل ما عند المصريين من آلهة وإنما كان هيئة رياسة عليا لجمهور كبير من صغار الآلهة وأنصافها
المذهب الثاني
ذهب جماعة من العلماء نخص منهم بالذكر الأستاذ (ألكسندر موريه) المستمصر الكبير إلى أن التاسوع لم يكن هو الأصل كما فهم العلماء الآخرون، وإنما اكتشف العقل المصري القوي المتمدين تسع قوى من قوى الطبيعة هي الشمس والهواء والفراغ والأرض والسماء والنيل والخصوبة والجدب والصحراء ثم أسندوا إلى هذه القوى كل أفاعيل الكون، ولما رأوا أن هذا التفكير الفلسفي ليس في متناول أذهان العامة لم يسعهم إلا أن يؤلهوا هذه