فلنأخذ من هذه الأسواق العبرة، ولنحفظ هذا الدرس؛ فأن الحق مهما بدا ضعيفاً وبدا خصيمه الباطل قوياً صائلاً، لا بد أنه ظافر في النهاية عليه. فليس في الدنيا شيء يصمد للحق، لا الجيوش ولا الأساطيل، ولا النار ولا الحديد، لا شيء له العقبى إلا الحق. وأهون بعد ذلك بالمعاهدات والمراسيم وصكوك الانتدابات وسائر القصاصات من أوراق الزور. كل أولئك يضمحل ويذوب متى سلط عليه الإخلاص والثبات وصلابة العقيدة والإيمان. وما نرى في أيامنا هذه من استضعاف الباطل المعتز بالصولة، لأناس وقفوا يدعون النضال في سبيل الحق، واستخذاء هؤلاء له، وطواعيتهم في يديه، ناشئ من فقدان الإخلاص والعقيدة فيما يضمرون. ولعل كثيراً منهم يظهر دفاعاً عن حق، ويبطن سعياً إلى منصب أو استدراراً لمال. وما أسرع ما ينزع الزمان الأثواب المزورة عن هذا الفريق فيظهر للناس ما يخفون.
ولنعلم بعد أن اليأس لا ينبغي أن يجد سبيلاً إلى قلب المؤمن، وأنه:(لا ييأس من روح الله إلى القوم الكافرين)