لولاية غرناطة؛ ولما رأى الدون جون اشتداد ساعد الموريسكيين، اعتزم أن يسير لمحاربتهم بنفسه، فخرج في أواخر ديسمبر على رأسي جيشه، وسار صوب (وادي آش)، وحاصر بلدة (جاليرا) وهي من امنع مواقع الموريسكيين، وكان يدافع عنها زهاء ثلاثة آلاف موريسكي منهم فرقة ترية، فهاجمها الأسبان عدة مرات، وصوبوا عليها نار المدافع بشدة، فسقطت في أيديهم بعد مواقع هائلة أبدى فيها الموريسكيون والنساء الموريسكيات اعظم ضروب البسالة، وقتل فيها عدة من أكابر الأسبان وضباطهم، ودخلها الأسبان دخول الضوارى المفترسة وقتلوا كل من فيها، ولم يفروا النساء والأطفال، وكانت مذبحة رائعة، (فبراير سنة ١٥٧٠) وتوغل الدون جون بعد ذلك في شعب الجبال حتى سيدون الواقعة على مقربة من بسطة، وكانت هنالك قوة أخرى من الموريسكيين بقيادة زعيم يدعى (الحبقي) تبلغ بضعة آلاف، ففاجأت الأسبان في سيدون ومزقت بعض سراياهم، وأوقعت الرعب والخلل في صفوفهم، وقتل منهم عدة كبيرة، ولم يستطع الدون جون أن يعيد النظام إلا بصعوبة، فجمع شتات جيشه، وطارد الموريسكيين، واستمر في سيره حتى وصل إلى اندرش في مايو سنة ١٥٧٠
وهنا رأت الحكومة الأسبانية أن تجنح إلى شئ من اللين خشية من عواقب هذا النضال الرائع، فبعث الدون جون رسله إلى الزعيم الحبقي يفاتحه في أمر الصلح، وصدر أمر ملكي بالوعد بالعفو التام عن جميع الموريسكيين الذين يقدمون خضوعهم في ظرف عشرين يوماً من إعلانه، ولهم أن يقدموا ظلاماتهم فتبحث بعناية، وكل من رفض الخضوع ماعدا النساء والأطفال دون الرابعة عشرة، قضي عليه بالموت؛ فللم يصغ إلى النداء أحد. ذلك أن الموريسكيين أيقنوا نهائيا بأن أسبانيا النصرانية لا عهد لها ولا ذمام وإنها غير أهل للوفاء، فعاد الدون جون إلى استئناف القتال والمطاردة وانقض الأسبان على الموريسكيين محاربين ومسالمين يمعنون فيهم قتلاً وأسراً؛ وسارت قوة بقيادة دوق سيزا إلى شمال البشرات واشتبكت مع قوات مولاي عبد الله في عدة معارك غير حاسمة وسارت مفاوضات الصلح في نفس الوقت عن طريق الحبقي؛ وكان مولاي عبد الله قد رأى تجهم الموقف ورأى اتباعه ومواطنيه يسقطون من حوله تباعا، والقوة الغاشمة تجتاح في طريقها كل شئ، فمال إلى الصلح والمسالمة، واستخلاص ما يمكن استخلاصه من براثن القوة