المغلوبة! ألم يتركوا لها حرية العقائد والعادات، وكتفين بأخذ الجزية؟
إذن ما مصدر هذه القسوة؟
إن (أنامونو) الفيلسوف الأسباني الشهير الذي توفي أخيراً ينسبها إلى دم النور (بفتح الواو) المنتشرين بكثرة في ربوع أسبانيا، وبخاصة في الجنوب، لأن هؤلاء القوم لهم - على حد زعمه - غرائز بعيدة عن المجتمع، بل وحشية. ومما يؤيد قوله هذا ما حدث في برشلونة من أعمال القتل والحرق والسلب فقد قام بمعظمها عمال من الجنوب لم يستوطنوا برشلونة إلا في السنوات الأخيرة. . .
أي أسبانيا! أصحيح أن حسانك قد مللن أقنعة رؤوسهن الجميلة من (الدانتلا) والمعروف (بالمانتليا) ففضلن عليها خوذة الجند الحديدية؟
أصحيح أنهن حطمن بأيديهن تماثيل العذراء التي طالما توسلن إليها كي ترقق لهن قلب العاشق النافر؟
أي سرفانتس! إن صاحبك (دون كيخوت) لأقل جنوناً من هؤلاء القوم جميعاً إذ جنونه برئ لا يتعدى مهاجمة الخراف والطواحين، أما هؤلاء فلا يهدأ لهم بال إلا بقتل الأطفال والنساء والإخوان من بني جلدتهم!