على أعين الناس. ولما أصبح دعا حمالا فحمله الصندوق وسار وراءه. فنادى القاضي الحمال؛ والحمال لا يدري من أين يسمع الصوت حتى عرف أنه صوت رجل في الصندوق، فسأله القاضي أن يرسل إلى وكيله ليشتري الصندوق. وجاء الوكيل فسأل عن الثمن. قال جحا: ألف دينار فلما تردد الوكيل عرض جحا أن يفتح له الصندوق ليعلم أنه جدير بهذا الثمن. وانتهيا إلى الاتفاق على مائة دينار فنقدها الوكيل وأخذ الصندوق. وبعد سنة احتاج جحا إلى المال مرة أخرى فأوحى إلى زوجه أن تعيد الحيلة مع القاضي فذهبت ترفع إليه ظلامتها من زوجها، ووكلت امرأة أخرى في الكلام حتى لا يعرف صوتها، فأمرها القاضي أن تحضر المدعي عليه، فلما جاء جحا قال القاضي: لماذا لا تنفق على امرأتك ما يكفيها؟ قال إني فقير لا أملك حتى ثمن الكفن إن حظرني الموت. فقال القاضي، وقد عرفه: نعم لقد لعبت معي عام أول فربحت، وهذه نوبتي في الربح. فإن شئت فالعب مع من تشاء ودع اللعب معي.
وقد اثبت جلال الدين هذه النوادر في شرح آرائه الصوفية والأخلاقية كدأبه في ضرب الأمثال والذهاب بقارئه كل مذهب.
في جامع الحكايات لحبيب الله الكاشاني، الحكايات الثلاث التي في المنتوي، وأربع أخرى من نوادر جحا. أترجم منها واحدة:
جاء جحا يوما إلى شاطئ دجلة فرأى بعض العميان يريدون أن يعبروا النهر. فقال ماذا تجعلون لي إن أبلغتكم الشاطئ الآخر: قالوا: يعطيك كل منا عشر جوزات، قال: ليمسك كل منكم بحزام الآخر، وليمسك أولكم بيدي. فلما توسطوا النهر اشتد التيار فذهب بواحد منهم. فصاحوا: ذهب أحدنا يا جحا! قال الآن خسرت عشر جوزات! ثم ذهب التيار بآخر فصاحوا جزعين: وآخر ذهب به الماء! قال يا ويلتا ذهب من يدي عشرون جوزة! وذهب الماء بالثالث فصاحوا: سنغرق جميعا: قال جحا: وما يعنيكم أيها الحمقى! إنما الخسارة علي! أنا الذي أخسر بكل غريق عشر جوزات.
وأخرى من نوادر جوحي في الباب الثالث من كتاب بهارستان لعبد الرحمن الجامي:
كان لرجل على جوحي مائة درهم، فرفع الأمر إلى القاضي فسأله ألك شاهد؟ قال: لا. قال القاضي لجحا فاحلف له. قال المدعي أنه لا يبالي باليمين. فقال جوحي: يا قاضي