للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فانك ستحملين من عيد إلى عيد حتى يرتعي السل صدرك الضعيف فتجودين بالحياة على المزابل بزفرة دامية

وأشد منك شقاء يا زهرات الأعياد زهرة تشتريها سيدة مستبدة لا تطلب من الأزهار إلا أوائل أريجها حتى إذا تخدرت منها طرحتها إلى الخدم يجهزون عليها بعيدة عن الهواء في ظلمات الليالي.

ويل لهذه الأزهار تهمس أنينها همسا فلا يسمع أحد ببلواها، فهي مستعبدة صامتة لا تعرف إلا أن تحني رأسها وتندفع إلى الفناء.

تقتطف الزهرة من حضن أمها وتؤخذ بالعنف من بين أخواتها وأصحابها، لتطرح حيث تجود بنضارتها وعبير صباها، فيا للجريمة لا عقاب عليها!

لقد منعت القوانين نخاسة السود ولكنها ما منعت نخاسة الأزهار.

ليهتف المصلحون بصوت وجدانهم فما من سميع وقد مات جان جاك روسو وبرنار دي سان يار. ولكن من نستصرخ وإلى من نتجه؟ فليس أنصار الحق نفسهم المنادون بمنع النخاسة بين الناس هم الذين ينسلون تحت جنح الليل يتلهون بدوس الأزهار واقتلاع وريقاتها الطاهرة من تويجها الضعيف. . .؟

أفليست السلطة هي التي تسمح باقتلاع الأزهار من منابتها إلى سحيق الإفطار حيث تعيش ولا أسرة لها لأن بذورها تطرح على أرض تخنقها وتواريها.

مررت يوما في تلك الساحة، فرأيت زنبقة رائعة الجمال يساوم عليها رجل ألقت السنون غشاء على عينيه، وهو يصب نظراته على الوريقات البيضاء فتختلج ويمد يده إلى ساقها ليجس بضاضته، فتتلوى خجلا وذلا، فانحدرت من أجفاني دمعة حري رأيت مثلها تنحدر على مهل من التويج الأبيض، فخيل إلى أن الزنبقة تقول لي: - اشترني أنت ولا تتركني فريسة في يد هذا الرجل فان نظراته تحرقني ولمساته تقضي علي، أنقذني فإنني إن تبعته أموت

هتفت: - سأخلصك أيتها الزهرة الطاهرة

فدهش الشيخ لهذا الهتاف، فأدار وجهه نحوي وأرسل إلي نظرة الاحتقار مشيرا إلى الخادم، فحمل الزنبقة وسار بها وعبثا حاولت إقناع البائع بفسخ البيع لأن الشيخ كان قد أدى ثمن

<<  <  ج:
ص:  >  >>