سنت هيلانه؛ ولم يهتز رستم لهذه الحوادث، وقنع من الحياة بالهدوء والسكينة؛ وعاد إلى سكنى باريس بعد أن نسيته الحكومة الجديدة، ولم تحاول إقلاق راحته، بيد أنه لم يكن يتمتع بعد برخائه القديم بعد أن أنقصت رواتبه، وكثر عياله، فنراه في سنة ١٨٢٤ يسافر إلى لندن إجابة لدعوة أحد أصحاب المسارح، وهنالك يعرض نفسه في ثيابه الشرقية القديمة ويكسب بذلك بعض المال
وقضى رستم في لندن نحو عام، ثم عاد إلى باريس، وانتقل بأسرته إلى بلدة دوردان على مقربة من باريس ليعيش فيها؛ وهنالك لم تفارقه صفة (مملوك الإمبراطور)؛ وكانت هذه الصفة تثير من حوله الفضول وتسبغ عليه مهابة خاصة؛ بيد أنه لم يكن يتمتع يومئذ بشيء من مظاهره الشرقية القديمة؛ وكان يحب الصيد، ويغشى مجتمعات المدينة، ويتصل بكثير من أهلها بأواصر الصداقة المتينة؛ وكان كثيراً ما يقص ذكرياته عن الإمبراطور ويفاخر بما لديه من آثار الإمبراطور مما أفاضه عليه من أيام عزه؛ وكان بعض الساخطين عليه يرمونه بالخيانة، ويقولون عنه أنه خائن لبلاده خائن لولي نعمته، بيد أن رستم لم يكن ليعبأ بهذه المطاعن، وكان يحتفظ دائماً بسكينته وهدوء نفسه
وتوفي رستم سنة ١٨٤٥، في الرابعة والستون من عمره ودفن بمقبرة دوردان وكتب على قبره ما يأتي (هنا يثوي رستم رضا، مملوك الإمبراطور نابليون سابقاً؛ ومولده بتفليس من أعمال الكرج)؛ وكانت وفاته خاتمة لآخر الذكريات الحية في تاريخ الحملة الفرنسية على مصر