على أنفسها وأموالها، وبين حاضر زاهر يزخر فيه النيل بالحياة،
ويجيش بالقوة، ويفيض بالأمل، ويقيم مُلكه على الديمقراطية، وعرشه
على الدستور، وحكمه على العدل، وصلته بالدول على المساواة. فهل
تعجب إذا انقلبت البلاد من ضفاف الشلال إلى أرياف الدال، بشراً
يتهلل في الوجوه، ومرحاً يتنزى في الأفئدة، وزينة تتخايل في الأرض،
وأعلاماً تخفق في الجو، ودعاء يصَّعَّد في السماء، استعداداً للاحتفال
بتتويج الفاروق سيد أعزاء مصر، وزين شباب الإسلام، وملك ملوك
العرب؟
إن لابتهاج الشعب بتولي الفاروق حقوقه الملكية بواعث شتى: بعضها يرجع إلى شخصه، فشخصه عذب الروح قوي الجاذبية؛ وبعضها يرجع إلى عهده، فعهده أول عهد مصر بالسيادة والحرية؛ وبعضها يرجع إلى حكمه، فحكمه حكم الدستور والديمقراطية؛ ولكل أولئك ملابسات ومناسبات توزعت عواطف هذه الأمة الوديعة المطيعة المخلصة، فغرقت كما ترى في نشوة من نشوات الروح، فيها بهجة القلوب بالحب، وغبطة النفوس بالعزة، ولذة الحواس بالطمأنينة.
مولاي الفاروق!
إن من دلائل الفوز التيسير. ومالك الملك الذي اصطفاك لخلافة هذا المجد العريق قد يسر لشعبك في مستهل عهدك ما تعسر عليه الحقب الطوال من سيادته على أرضه. فتول القيادة العليا للسفين على هدى من الدستور ووحي من شمائلك الحرة؛ وأفِض من شبابك الفردوسي على ما خمد من عزائم هذا الشعب لطول ما كابد من عنت الأحداث وطغيان الدخيل؛ واطبع النَّشء من شعبك الهين اللين على غرارك في ثقافة العقل وثقافة الطبع وثقافة الجسم، فإنك المثل الأعلى لكل ذلك. ومثلك الفريد يا مولاي هو ما تحتاجه مصر في تجديد ما رث منها، وتكميل ما نقص فيها، وتوفير مواهب الإنشاء بها، وتنظيم قوى الدفاع عنها، وتوثيق أسبابها العمرانية والاجتماعية والسياسية لتربط بين أملاك العروبة وملكك، وتصل