ومعتقداً، وإذا قرأت في الكتاب جملا فصيحة فإنما هي نتاج الغريزة العربية في المؤلف، وثمرة حبه للأدب العربي وغرامه بالديباجة العربية الذي حمله على إلا يدع مؤلفاً عربياً، قديماً أو حديثاً، سمع به واستطاع الوقوف عليه، إلا اتصل به وأخذ منه، فهو كاتب عربي في مؤلفه هذا بما قرأ لا بما درس. من أجل ذلك كانت ديباجته فيه عادية لا روعة فيها ولا سحر، وربما وقفت عند كثير من جملة تتبين ما تشتمل عليه من معان أبهمها الاعجام.
فالكتاب في لغته بسيط، وهذا لا يحط من قيمته العلمية، فإنما يؤخذ مؤلفه بما أودعه من فكرة لا بما نمق فيه من ديباجة.
ما أحببت أن أعرض في نقدي هذا لشيء من ذلك ولكني أحب أن أعرض لمواطن الجمال في الكتاب معللا ببضع خلال خبرتها في نفس الكاتب.
عرفت نجيباً منذ أنشأت عروبتي ولم أزل أعرفه حتى اليوم؛ ولأول نظرة ألقيتها عليه شربت روحه ولم أزل أشربها حتى الآن
قرأت في شمائله الحرية في غير أنانية ولا أثرة، والصراحة في غير مراء ولا صلف، ولمست فيه الروح الوثابة والعمل الجبار؛ قرأت في شمائله كل ذلك ولم أزل أقرأه فيها حتى ساعتي هذه
توسمت فيه إذ ذاك النجابة ولم يكن قد أنتج بعد، فكتابه هذا هو باكورة عمله، وإذا كان وليد أدبه الغض وشبابه الناضر فماذا نرقبه من أدبه الكهل؟ ثم ماذا سيطلع علينا به وقد أشرف على الأربعين سن الحكمة والنضج؟
الحرية في نجيب حملته على ألا يتقيد في كتابه بدين درج عليه في البيت وتلقنه في المدرسة حتى كان جزءاً من دمه الفائر ونفسه الجبارة، ولم يحل دون تحرير فكره في مؤلفه هذا هيبة المستشرقين في نفوس الضعفاء من كتابنا حتى تحامى أكثر هؤلاء إبرام ما نقض أولئك من حق أو نقض ما أبرموه من باطل.
عرفت العقيقي حراً في زيارته لي وتحدثه إلي؛ عرفته حراً في شمائله، حراً في جدله، حراً في رأيه. وهأنذا أقرأه اليوم في مؤلفه الجديد حراً في درسه وتفكيره، حراً في بحثه وتحليله، حراً في نقضه وإبرامه.
والصراحة في نجيب حملته على أن يكتب في الأدب للأدب، ويبحث في العلم للعلم،