صعب جداً على العرب العيش في هذه المنطقة من بلادهم واضطروا إلى النزوح عنها، فتصبح الأكثرية الساحقة فيها من اليهود. وحتى لو فرضنا أن عرب هذه المنطقة سيظلون فيها، فإن اليهود سينسلون إليها وسيصبحون فيها أكثرية. وعندها يطلبون إجراء استفتاء سائلين سكان هذه المنطقة فيما إذا كانوا يريدون الانضمام إلى (المملكة اليهودية) أو إلى (المملكة العربية). وتكون النتيجة الانضمام إلى (المملكة اليهودية)، ووضع اليهود أيديهم على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية، وإقامة هيكل سليمان مكان الصخرة الشريفة. . . وستجد الحكومة البريطانية عذرا لذلك تبرر به عملها قائلة بأنها تحب العدل ولا ترغب في حكم جماعة رغم مشيئتهم!. . .
ثم إن القدس مدينة كبير، يعيش أهلها على الوظائف والموظفين العديدين الذين فيها، وعلى التجارة مع القرى. فمشروع التقسيم يحرم أهل القدس من الوظائف ويقلل عدد موظفي المدينة، ويقطع القرى التي تتعامل مع القدس عنها. وسحل حينئذ أزمة اقتصادية شديدة يقاسي سكان المدينة العرب آلامها. . .
تقول اللجنة الملكية إنه (يجب أن يلقى على عاتق الدولة المنتدبة أيضا عبء المحافظة على الأوقاف الدينية وعلى الأبنية والمقامات والأماكن الواقعة في أراضي كل من الدولتين العربية واليهودية والمقدسة لدى العرب واليهود). وهي في هذا القول تريد إيهام الرأي العام بأن في المملكة العربية مقدسات يهودية! والحقيقة أن ليس لهم في القسم المنوي إبقاؤه عربياً شيء من هذا القبيل. أما العرب فلهم في مشروع (المملكة اليهودية) جوامع وكنائس وأوقاف وأبنية ومقامات وأماكن مقدسة عديدة، تتعهد الحكومة البريطانية بالمحافظة عليها! لقد رأينا قيمة تعهدات الحكومة البريطانية ومدى ما يمكن الاعتماد عليها. . .
ثم ما الفائدة للعرب من بقاء جوامع وكنائس ومقامات مقدسة في قسم من بلادهم يرغمون على الرحيل عنه؟ إن العرب يقدسون الجوامع والكنائس مادام فيها مصلون، أما إن قدر للشعب العربي أن يرحل عن وطنه (وهذا لن يكون) فخير له أن تنسف الجوامع والكنائس، وأن تمحى آثاره المقدسة، من أن تبقى أثراً يذكر الأجيال بأنه كان في هذه البلاد شعب عربي لم يعرف كيف يحتفظ بها. . .