تلك الأعمدة وسبكها فوجدها مجوفة قد ملئت رملاً فذهب حينئذ ناموسه، وقلت هيبته عند أهل مملكته حين علموا سر هذه الأعمدة. فلهذه المعاني يجب حفظ المال والاحتياط عليه.
١٦٣ - فقر أدى إلى مصالح الرعية
في (كتاب غرر ملوك الفرس وسيرهم): كان كيقباذ يقول: ليس غرضنا فيما نحتفل من أصناف الزين بالقصور المشيدة والفرش الممهدة والملابس الفاخرة والأطعمة الملونة إلا تزيين أمر المملكة، وتفخيم أسبابها في أعين الناظرين إليها والواردين من النواحي عليها، دون الانهماك في الشهوات، والاستكثار من اللذات. وجدوي شأن المملكة وإقامة مروءاتها عائدة عليها بالمصلحة، وما أدى إلى مصلحتها فقد أدى إلى مصالح الرعية.
١٦٤ - إمارات القيام، يا غلام هات الطعام
في (التاج ومحاضرات الراغب): كان لكل ملك أمارة يستدل بها أصحابه إذا أراد أن يقوموا عنه، فكان اردشير إذا تمطى قام سماره. وكان الأردوان الأحمر، وله وقت من الليل وساعات تحصى فإذا مضت جاء الغلام بنعله فقام من حضره. وكان كيشاسف يدلك عينيه، ويزدجرد يقول:(شَبْ بِشُدْ) وبهرام يقول: (خُرّمْ خُسْفاذ)، وسايور يقول: حسبك يا إنسان. وقباذ يرفع رأسه إلى السماء، وأبرويز يمد رجليه. وأنوشروان يقول: قرت أعينكما! وكان عمر يقول: قامت الصلاة. وعثمان يقول: العزة لله. ومعاوية يقول: ذهب الليل. وعبد الملك يقول: إذا شئتم. والوليد إذا قال: أستودعكم الله. والهادي إذا قال: سلام عليكم. والرشيد يقول: سبحانك اللهم وبحمدك. والمأمون إذا استلقى على فراشه. والمعتصم إذا نظر إلى صاحب النعل. والواثق إذا مس عارضيه وتثائب.
وحكي عن بعض البخلاء أنه سئل: ما إمارتك لقيامنا؟ قال: قولي: يا غلام، هات الطعام. . .
١٦٥ - الصبر
الصابي: مآرب الناس منزلة بحسب قربها من هزل أو جد، ومرتبة على قدر استحقاقها من ذم أو حمد، وإذا وقع التأمل عليها والتدبر لها وجد أولاها بأن تعده الخاصة نزهة وملعباً، والعامة حرفة ومكتسباً - الصيد الذي فاتحته طلاب لذة ونظر، وخاتمته حصول مغنم