للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تعبير رؤياك إنما هو في حياتك نفسها يا زارا. أفلست أنت النعش وقد حشدت الحياة فيه سيئاتها وعبوس ملائكتها؟ أفليس زارا يحتاج اللحود مقهقهاً كالأطفال ساخراً بالساهرين على القبور الخافرين لها، مستهزئاً بكل من تقرقع المفاتيح في أيديهم.

لسوف يذعر هؤلاء الناس منك فيطرحهم ضحكك أرضاً فيغمى عليهم ثم ينتبهون وبذلك يثبت عليهم سلطانك.

لقد أطلعت لنا كواكب جديدة في الآفاق ونشرت من الليل ما كنا نجهله من البهاء. والحق أنك مددت ضحك فوق رؤوسنا فأظلنا بعديد ألوانه. فمنذ الآن ستتعالى قهقهة الأطفال من النعوش وستعصف من الجهود القاتلة الريح التي نتوقعها.

لقد مثّلت نفسُك أعداءك فأزعجتك رؤياك، ولكنك انتبهت منسلخاً عنهم وعدت إلى روعك، وهم أيضاً سينتهون فيرجعون إليك.

هكذا تكلم التابع، فدار سائر الأتباع بزارا يشدون على يديه محاولين إقناعه بالنهوض من فراشه والانسلاخ عن أحزانه ليعود إليهم، غير أن زارا بقي جالساً على فراشه وعيناه جاحظتان كأنه عائد من سفر بعيد لا يعرف ممن حوله أحداً، ولكن أتباعه رفعوه وأوقفوه فانتبه فجأة وتغيرت سحنته فمد يده يداعب شعر لحيته ورفع عقيرته قائلاً:

- كل هذا سيكون عندما يحين زمانه. فأعدوا لنا غذاء طيباً الآن لأكفر عن الرؤيا التي رأيت؛ غير أن العراف سيجلس إلي جنبي ليأكل ويشرب معي وسأريه بحراً يغرق فيه نفسه

هكذا تكلم زارا. . .

ولكنه حدق في وجه تابعه الذي عبر له حلمه، حدق به طويلاً وهو يهز رأسه. . .

الفداء

وسار زارا يوماً على الجسر فأحاط به رهط من أهل العاهات والمتسولين وتقدم إليه أحدب يقول له:

- التفت إلى الشعب يا زارا فهو أيضاً يستفيد من تعاليمك وقد بدأ يؤمن بسنتك. ولكن الشعب بحاجة إلى أمر واحد ليتوطد إيمانه بك: عليك يا زارا أن تتوصل إلى إقناعنا نحن أهل العاهات. وأمامك الآن نخبة منهم وما لك بعد مثل هذه الفرصة تنتهزها لتقوم باختبارك

<<  <  ج:
ص:  >  >>