قال جاري: ألا تكونُ رزِيناَ؟ ... قلت: لا تلحني: فقدتك جارَا
وتلفتُّ يَسْرَةً ويمينا ... قال: ماذا أضعت؟ قلت: الوقارَا
أيها المشتكي من الإقلالِ ... مَتعِّ النفس بالجمال مَتَاعَا
لم يُبيحوا لنا شُيُوعَ المالِ ... وأباحوا لنا الجمال مُشاَعاَ
صاح قل لي: ما بال تلك الصدورِ ... كَشفْهُا لا يحِلُّ للأحداقِ؟
ليتهم حرَّموا ذواتِ الشُّعورِ ... فهْي عندي مثل القذى في المآقيِ
لا تَضيقوا بالمعصم المكشوفِ ... وتقولوا: خيرُ الجمال المصونُ
ما غَنَاءُ الشَّذَى بغير أنوفِ؟ ... قيمةُ الحسنِ أن تراه العيونُ
لا تقولوا: قد غاض ماءُ الحياءِ ... واقرءوا الآيَ في وجوه الحسانِ
رُبَّ عضوٍ من هذه الأعضاءِ ... نَمَّ عن سرِّ قدرة الرحمن
أيها الآسفُ الحزينُ الباكِي ... إِبكِ ما شئتَ ضيعةَ الأخلاقِ
قِفْ إِن أسْطَعْتَ دورةَ الأفلاكِ ... أو فَكلْ أمرَ الخلق للخلاَّق
ها هنا أعشَقُ الملاحَةَ صِرْفَا ... ما عليها من الثياب غِشاءُ
ها هنا ليس يعرف الكحلُ طرفَا ... لا ولا يَغْمُرُ الخدودَ طِلاءُ
ها هنا روعةُ الطبيعة تبدُو ... فتراها عذراء بين العذارَى
أُنظر البحرَ وهْو جزر ومدُّ ... وأنظر الشمس فيه إذ تتواري
أيها البحرُ قد نزلتُك ضيفَا ... فكأني أغرقتُ فيك همومي
ليت عمْري جميعَهُ كان صيفَا ... ينقضي فوق شطِّ بحر الرُّوِم
(الإسكندرية)
محمد غنيم